طاعة أولي الأمر في الإسلام 10
- المجموعة: مقالات فقهية
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2318
- النص الثاني: (أيّها الناس: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاًّ لحرام الله، ناكثاً عهده، مخالفاً لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإنّ هؤلاء القوم – الأمويين – قد لزموا الشيطان وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وأنا أحق من غيَّر).
- النص الثالث: (لعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب القائم بالقسط).
- النص الرابع: (إنَّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجلٌ فاسق، شارب الخمر، قاتل للنفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله).
- النص الخامس: (ألا ترون إلى الحق لا يُعْمَل به، وإلى الباطل لا يُتَنَاهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء ربّه حقاً حقاً، فإنّي لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً).
- النص السادس: (أمّا بعد أيّها الناس: فإنّكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله، يكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمد أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدَّعين – يزيد والأمويين – ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان).
- النص السابع: (ألا وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ عليَّ أصبر حتى يحكم الله لي، وهو خير الحاكمين).
هذه تقريباً أهم النصوص الواردة عن الإمام الحسين (عليه السلام) حول بيان أسباب نهضته المباركة، وهذه الأسباب كما نرى تنحصر بمجملها حول منصب الحاكم وما ينتج عنه من أضرار ومفاسد عندما لا ينطلق في حكمه من مواقع الإيمان والإلتزام ورعاية المصالح العامة للأمة الإسلامية، وينطلق بالتالي من مواقع النفاق والإستئثار بالسلطة والقتال ولو بغير الحق من أجل الحفاظ على الحكم والموقع الدنيوي.
وتلك الأسباب بمجملها تشكِّل الأساس والقاعدة للتعامل مع أيّ حاكم أو دولة بعد عصر الحسين (عليه السلام)، طالما أنّ الظروف المعاشة والأوضاع القائمة لا تختلف عن الظروف والأوضاع التي كانت في عصر سيد الشهداء (عليه السلام).
والذي نريد أن نقوله إنّ المرحلة الكربلائية لم تنتهِ بعدُ، وهي وإن كانت قد ابتدأت بالحسين (عليه السلام)، إلّا أنّها ما زالت مستمرّة حتى الآن، لأنّ الأسباب التي نهض الإمام (عليه السلام) بسببها موجودة ولأنّ الأهداف التي ابتغى تحقيقها لم تحصل، وهي مجموعة تحت عنوان أساس هو (إقامة حكم الله في الأرض).
وفي نهضة الحسين (عليه السلام) نرى أنّ الإنحراف كان واضحاً عن عناصر المشروع الإلهي، بل لعلّ ذلك الإنحراف كان الأخطر منذ رحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالعنصر الأول وهو "القيادة" بمواصفاتها الإسلامية كانت مقصيةً عن موقعها، والعنصر الثالث وهو "الأمة" كانت مبتلاة بالتمزّق والعصبية والنفاق والخوف والطمع بمغريات الدنيا الفانية، وهذا ما لعب دوراً خطيراً على مستوى نتيجة المعركة في كربلاء حيث استشهد الإمام الحسين (عليه السلام) ومعه القلّة المؤمنة من أهل بيته وأصحابه بطريقةٍ مأساوية ومفجعة لم يعهدها تاريخ الأمة الإسلامية، لا قبل الحسين (عليه السلام) ولا بعد مقتله سلام الله عليه.
إلا أنّ استمرارية المرحلة الكربلائية في شعاراتها تحقّقت بسيرة الأئمة (عليهم السلام) بعد كربلاء الذين أخذوا على عاتقهم حفظ تلك النهضة الحسينية والإلتزام بتبليغها للناس المؤمنة بالإسلام المحمدي الأصيل، واستمرّ هذا النهج إلى أن غاب الإمام الثاني عشر عجَّل الله تعالى فرجه، وكان غيابه إيذاناً لبداية مرحلة جديدة من العلاقة بين الأمة وقياداتها الأصيلة الشرعية، وهذا ما سوف نبحث فيه في المقالة القادمة ومحوره (أسباب غياب الإمام الحجة "عج" ومبرّرات قيام القيادة النائبة عنه في زمن الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى).
والحمد لله ربّ العالمين .