حقوق المرأة في الإسلام
- المجموعة: مقالات اجتماعية
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1270
وهكذا نرى أنفسنا ملزمين بالحديث عن دور المرأة المسلمة بنظر الإسلام لأهمية الموضوع من جهة، وبمناسبة انعقاد مؤتمر المرأة العالمي في العاصمة الصينية "بكين" الذي يجمع نساء من مختلف دول العالم للبحث في السبل الكفيلة بتقرير حقوق المرأة وحصولها عليها. ونحن إذ لا ننكر أنّ المرأة في غالبية دول العالم تعاني أوضاعاً صعبة، وهذا الأمر موجود حتى في الدول الغربية المتقدمة المدّعية للحضارة والرقي، إلّا أنّ الأهداف المنظورة للمؤتمر من مثل إباحة الإجهاض وشرعنة العلاقات الجنسية بدون الإرتباط بالعقود المتعارفة لذلك، تجعل من الصعب القبول بنتائج هذا المؤتمر، لأنّ سلبياتها ستكون أخطر بكثير من ما هو قائم وموجود حالياً. فتحصيل حقوق المرأة لا يكون عبر استغلال ضعفها وسوء أوضاعها الحالية من أجل الإرتقاء بها كما يدَّعي منظّمو المؤتمر لتصبح في موازاة الرجل في المكانة والحقوق والواجبات، وإنّما يكون عبر وضع المرأة في مكانها الصحيح في المجتمع، وانطلاقها في الحياة من موقع كونها إنساناً، لا أداة إنتاج أو إنجاب أو وسيلة متعة
للرجل كما هو الهدف المعلن للمؤتمر المذكور. وفي هذا المجال فإنّ الإسلام، يعتبر مقياساً ثابتاً لحقوق المرأة بحيث لا تتعرض للإهتزاز أو للتأرجح، فتارة تكون هذه الحقوق كثيرة وأخرى قليلة تبعاً للقوى المؤثرة في هذا المجال، أو وفقاً للأغراض والأهداف المطلوبة من شعار حقوق المرأة الذي يرفعه المنظمون. وحقوق المرأة في الإسلام قد كفلها وضمنها الدستور الأساس وهو "القرآن الكريم" الذي لا مجال لتعطيل تشريعاته أو حقوق الناس فيه، لأنّ تعطيلها يعتبر بنظر الإسلام جريمة تعرّض مرتكبها للعقاب الدنيوي والأخروي معاً. وأول حق في الإسلام للمرأة وهو أهمها على الإطلاق، وتقدّم كثيراً في طرحه على كلّ الآخرين هو "إنسانية المرأة"، وكان هذا القرار قبل أربعة عشر قرناً وما يزيد وفي الوقت الذي كان أهل العقائد الأخرى ينظرون إلى المرأة على أنّها ليست إنساناً، أو في أحسن الأحوال هي مخلوق ناقص عن الرجل ولا ترقى إلى مستواه معنوياً ومادياً. وثاني الحقوق هو "حق تعليمها وتربيتها ورعاية شؤونها" بل لقد أوجب الله الجنة للرجل الذي يعيل ثلاث بنات ويربّيهن التربية الإنسانية الصالحة والإسلامية القويمة، وهذا الحق متفرّع عن كونها إنساناً لكلّ ما للكلمة من معنى، وبهذا لا يتميز عنها الذكر بمزايا من هذه الجهة ولا يحق لأحد من الأهل أن يعطي الذكر اهتماماً أكبر في هذه المجالات. وثالث الحقوق وهو المهم من الناحية الإجتماعية العامة أنّ المرأة شريك للرجل في إدارة شؤون المجتمع، سواء من خلال دورها الكبير في تربية الأطفال والنشء الجديد، أو من خلال الأعمال التي يمكن أن تقوم بها في المجالات المختلفة في الحقل الإجتماعي العام. ورابع الحقوق وهو إعفاؤها من الخدمة العسكرية المتطلبة لقوى جسدية قادرة على تحمّل أعباء هذا النوع من العمل الشاق الذي يتنافى مع الطبيعة التكوينية للمرأة، والإعفاء هنا ليس من باب الإعتباط أو المزاج، بل راجع إلى التقسيم العملي للوظائف بما يتناسب مع التكوين والخلق لكلٍّ من الرجل والمرأة. وخامس الحقوق هو "الحقوق المالية" من احترام حقها الثابت في الميراث إلى المهر إلى احترام عملها وما يعكسه من قيم معنوية ومادية، مع تمكنها من التصرّف فيما تملكه من دون وصاية لأحد عليها ولو كان أباً أو أخاً أو زوجاً وغير ذلك. وهذه باختصار شديد هي الحقوق التي أوجبها الإسلام للمرأة لكي تتحقق العدالة بين الطرفين فلا يطغى أحدهما على الآخر كما هو الحال السائد في العالم حالياً، حيث إنّ المرأة معتبرة على أنّها العنصر الأضعف فنحتاج إلى إقامة المؤتمرات والندوات والضغط على الأنظمة والمؤسسات الرسمية منها والأهلية من أجل وقف استغلال المرأة وإعطائها حقوقها لرفع الغبن اللاحق بها. وانطلاقاً من هذه الحقوق الواجبة للمرأة في الإسلام يقول الإمام الخميني "قده" وبكلّ ثقة وثبات: (إنّ الإسلام يريد الكمال للرجل والمرأة، فالإسلام أنقذ المرأة من تلك الأمور التي كانت سائدة في الجاهلية، تلك الخدمة التي أدّاها الإسلام للمرأة، يعلم الله أنّه لم يؤدّها للرجل). ومن هذا المنطلق يدعو الإمام "قده" إلى مشاركة المرأة للرجل في إدارة أمور المجتمع ويقول: (إنّ الإسلام يريد أن تقوم المرأة أيضاً بالأعمال الأساسية كالرجل، لا أن تصبح المرأة سلعة كما يريد الشاه – والغرب – الذي يرغب في أن ... وتأتي إلى المجتمع وتختلط بالرجال... إنّ الإسلام يريد أن يحفظ شرف واحترام المرأة، ويريد أن يعطي للمرأة شخصيتها). من هنا نقول إنّ نتائج المؤتمر المنعقد في بكين لن تكون موضع القبول في الجوانب المخالفة للعقيدة الإسلامية وللسلوك الأخلاقي المتّزن المشبع بالعفّة والحياء عند المرأة، لأنّ سلبيات تلك المقرّرات سوف تصيب الإنسانية بأفدح الأخطار على مختلف المستويات، من تدمير الأسرة، إلى تفشّي الرذيلة والأخطار الصحية الناتجة عنها، إلى شيوع المفاسد الأخلاقية التي ستذهب بالإنسان كلّه بعيداً عن ساحته الإنسانية لتسقطه في ساحة الحيوانية. ولهذا ندعو كلّ الشرفاء وأصحاب الضمائر الحرة والأقلام الجريئة وغير المرتهنة إلى رفع الصوت عالياً ضدّ هذا التغرير بالمرأة، كما ندعوهم في الوقت ذاته إلى المطالبة بالحقوق المشروعة للمرأة في كلّ أنحاء العالم بما يحقّق لها إنسانيتها ومكانتها اللائقة بها في عالم اليوم. والحمد لله ربّ العالمين .