عيسى المسيح (عليه السلام)
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2152
حيث تشير الآية إلى أن الواجب على المسلم أن يؤمن بكل ما أنزل الله من عنده على أنبيائه من دون فرق بين الجميع في ذلك ، لأن كل الأنبياء مرسلون من الله لعباده على فترات زمنية حتى كانت الرسالة الخاتمة والجامعة لكل ما سبقها وهي ((الرسالة الإسلامية)) التي نزلت على خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولا شك أن الإيمان بكل الأنبياء ، ومن بينهم عيسى (عليه السلام) الذي خصه الله بالذكر في الآية مضافاً إلى نبيه موسى (عليه السلام) دليل على وجوب احترام أولئك الأنبياء والإيمان بنبواتهم وعدم جواز التنكر لها ، ولهذا يعتبر الإسلام أن من يرفض نبوة واحد منهم محكوم بكفره وخروجه عن الدين الإسلامي لأنه إنكار نبوة نبي يستلزم إنكار ما هو ثابت في الأصول العقائدية ، وقد قال تعالى في كتابه تعبيراً عن هذا المعنى: (من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ). ولهذا فإن مرتبة عيسى عند المسلمين أنه ليس نبياً عادياً ، بل هو من أنبياء أولي العزم الذين كانت شرائعهم عامة للعالمين وليست مختصة بقوم دون الآخرين ، ولهذا يجعله الإسلام في مراتب القداسة والعصمة والطهارة من الذنوب والآثام والمعاصي والموبقات على حد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) .
حتى أننا نجد في القرآن الكريم أن البشارة للعالمين بظهور في الأرض يحمل أمانة الله بعد عيسى وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جاءت على لسان عيسى المسيح (عليه السلام) ، ويقول القرآن عن ذلك: ( ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد... )، وقد جاء في أول الآية هذه: ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدّقاً لما بين يديّ من التوراة ...) ، وهذا يعني أن كل نبي كان يكمل ما بدأه النبي الذي أرسله الله قبله، ومؤدى هذا أن النبي محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أكمل الرسالة التي أنزلها الله على عيسى ، ولهذا كان محمد خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانت رسالته خاتمة الشرائع السماوية أيضاً .
لهذا كله ، يمكن القول بلا مداراة أو محاباة لأحد " أن مناسبة ولادة المسيح عيسى بن مريم هي مناسبة دينية إسلامية وإلهية عامة " .
وبما أنها مناسبة دينية فلا بد من التعامل معها على هذا الأساس من حيث الشكل والمظهر والتعبير الذي نعبر به عن الفرح بذكرى الولادة العطرة لنبي عظيم من أنبياء الله عز وجل.
وطريقة الاحتفال هذه ينبغي أن تكون مشبعة بروح الالتزام بشريعة عيسى التي ترفض الكثير من مظاهر التعبيرعن هذه المناسبة التي لا يخلو كثيرها من ارتكاب أنواع المحرمات الفواحش والمناظر المنكرة التي يمارسها بعض الناس من الذين يتعاملون مع هذه المناسبة وغيرها أيضاً على أنها وسيلة للانفلات والغرق في الشهوة والفساد وارتكاب أنواع المحرمات .
ولهذا فإننا ننزه نبينا عيسى (عليه السلام) عن كثير من الأفعال التي مارسها المنحرفون من المسيحيين والمسلمين باسمه، فأين هذه المظاهر الخليعة التي يقوم بها البعض من وصايا السيد المسيح (عليه السلام).
إن ذكرى الولادة العطرة لهي خير مناسبة يمكن أن يجتمع حولها كل المؤمنين بالله على القاعدة القرآنية القائلة: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً...)، هذه القاعدة التي نسميها بقاعدة الحوار بين أهل الأديان السماوية لإشاعة أجواء التقارب والانفتاح للوصول إلى القناعات المتوافقة مع الخط الإلهي العام المليئ بالمضامين الأخلاقية والروحية والتربوية .
لهذا نعتبر أن المظاهر المنكرة التي تصاحب هذه المناسبات الدينية هي مرفوضة عند المسيحية وعند الإسلام أيضاَ، والمطلوب من كل المصلحين والمخلصين والغيارى على المسيرة الإلهية والأخلاقية والروحية أن يبادروا إلى رفع الصوت عالياً ضد كل الأجواء السلبية التي يعمل البعض على إشاعتها مستغلاً هذه المناسبة الدينية الهامة وأمثالها للترويج لكل المفاسد والمنكرات بين رجالنا ونسائنا وأجيالنا التي نريد لها أن تتربى في أجواء اجتماعية نظيفة خالية من كل الشوائب .
من هنا نتوجه بالتهنئة والتبريك لعموم المسلمين والمسحيين بذكرى ولادة السيد المسيح (عليه السلام) ، وعلى أمل القيام بالواجب الديني والإنساني والأخلاقي تجاه هذه المناسبة المجيدة وكل مناسباتنا الدينية الإلهية .