الإثنين, 25 11 2024

آخر تحديث: الجمعة, 01 آذار 2024 3pm

معجزات الأنبياء (عليهم السلام)

sample imgage

المعجزة هي الأمر الخارق لطبيعة الأشياء بالنسبة إلى الإنسان ، سواء على مستوى التصور أو على مستوى التنفيذ، وقد كانت المعجزة هي الوسيلة التي زود الله بها أنبياءه لإثبات دعواهم بأنهم مرسلون من جانبه لهداية البشر وإرشادهم إلى الصراط المستقيم .

وقد تحدث القرآن عن العديد من المعجزات نذكرها كما يلي :

  1. نار إبراهيم التي كانت عليه برداً وسلاماً مع أن النار محرقة، والإحراق صفة لازمة لا تنفك عنها .
  2. ناقة صالح التي كما ورد أنها تحولت من الجبل أي من الصخر إلى مخلوق حي يتمتع بكل مواصفات جنسه ولكن بصورة غير عادية كما يصف القرآن ذلك: ( قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ) .
  3. عصا موسى (عليه السلام) التي تحولت إلى ثعبان وأكلت كل ما أوهم به سحرة فرعون الناس كما قال الله تعالى: ( فألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون ) ـ أي ما يكذبون به على الناس ـ .
  4. ولادة عيسى من غير أب وكلامه وهو في المهد بمعنى أنه لم يكن يبلغ من العمر إلا أياماً معدودة ومع هذا نطق وقال: ( إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أين ما كنت ...). هذه المعاجز بالخصوص كانت فوق قدرة البشر على التصور، وكيف يمكن أن يتحول الجماد كالصخر إلى ناقة ـ أنثى الجمل ـ أو العصا إلى ـ أفعى حية ـ أو كيف يتكلم الصبي وهو ما يزال وليداً لا يتجاوز عمره أياماً محدودة ؟ .

فالبعض قال إن المعجزة هي من صنع الله وهي خرق لقوانين الطبيعة الثابتة التي يسير الكون وفقاً لقواعدها وضوابطها ، وهذا يعني أن التحول يحصل فجأةً من نوع إلى نوع آخر من الموجودات لأن الله قادر على كل شيئ ، وبوسعه تحويل أي شيئ إلى أي شيء آخر لأن القدرة الإلهية غير محدودة وغير مقيدة بأي قيد، ولذا لا يوجد أي عائق يمنع من حصول ذلك .

والإنسان بما أن قدرته محدودة للوصول إلى تلك المرحلة من القدرة لتحويل الأشياء كان يرى في ذلك إعجازاً إلا أن المستكبرين المعاندين كانوا يتهمون الأنبياء الذين يظهرون بالمعجزات بأنهم سحرة أو مسحورون لكي يقطعوا الطريق على الذين يحاولون الإيمان بنبوة الأنبياء (عليهم السلام)

لكن بعض العلماء عنما تأمل هذه المعجزات رأى أنه يمكننا أن نفسر المعجزة بتفسير آخر ينسجم مع مسار القوانين الطبيعية وضوابطها من دون اللجوء إلى القول بأن المعجزة هي خرق للنواميس ، وهذا التفسير يقول بأن المعجزة عبارة عن نوع من التحولات السريعة وفق النواميس الطبيعية بحيث لا يستطيع الإنسان بقدراته المحدودة القيام بها إلى أن يتحول الشيء إلى ما يريده الله ، وهذا التفسير على المستوى النظري وكذلك العملي مقبول جداً ، لأن صانع المعجزة هو الله ، والله هو خالق السموات والأرضين ، وهو الذي وضع لها القوانين والسنة الطبيعية ، وهو قادر سبحانه على إجراء سلسلة تحولات سريعة لا يلحظها الإنسان بسبب محدودية قدرته واستيعابه .

وهذا التفسير للمعجزة هو الأنسب بالمقام الإلهي والأوفق بقوانين الطبيعة لأنه لا يخرج عن ضوابطها ، والله يأبي أن تجري الأمور إلا بأسبابها ، ولو كانت هذه الأسباب في مرحلة ما ولأجل غرض ما وجب تسريعها لإثبات صحة ادعاء النبي لنبوته وأنه رسول من الله تعالى للبشر .

والمعجزة غالباً ما كانت تتوافق مع العصر الذي جاءت فيه، فعصا موسى المتحولة إلى ثعبان أبطلت عمل السحرة لأن السحر كان الشائع في عصر موسى (عليه السلام) وكذلك معجزات عيسى (عليه السلام) من شفاء الأكمه والأبرص لأن الطب كان شائعاً في زمانه .

إلا أن كل تلك المعجزات بقيت محصورة ضمن عصورها وأزمنتها المحدودة الهدف الذي كانت ترمي إليه وهو لتصديق النبي (عليه السلام) في ادعائه النبوة من الله .

إلا أن المعجزة الخالدة التي لا زالت مستمرة حتى الآن هي " القرآن الكريم" الذي تحدى العرب في بلاغتهم وفصاحتهم، وتحداهم الله أن يأتوا بسورة من مثله وحكم عليهم بأنهم لن يستطيعوا ولو اجتمعت الإنس والجن على محاولة إنجاز ذلك، وإن كان هذا القرآن مصنوعاً من نفس الأحرف التي صنعوا منها لغتهم التي يتكلمون بها، وقد تصدرت هذه الحروف بعض السور القرآنية التي فسرها علماؤنا على أنها مؤيد للتحدي الذي وضع القرآن العرب أمامه مع أنهم كانوا قمة في البلاغة والفصاحة، وهذا بحد ذاته إعجاز مستمر ، إذ لم يستطع أحد حتى الآن وبعد مرور أربعة عشر قرناً وما يزيد على نزول القرآن أن يأتي بسورة من مثله ولن يستطيع في المستقبل أيضاَ، وستبقى معجزة القرآن حية فاعلة بين البشر ، وسيعود للقرآن دوره في حاكمية الأرض في ظل دولة صاحب العصر والزمان " عجل الله تعالى فرجه"