دور الإمامة
- المجموعة: مقالات سيرة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 3420
من الواضح جداً أنّ النبوة تمثل حالة إلهية متميزة في مسيرة الإنسانية وتعطي الحياة أبعادها الحقيقية إلا أنّها لا ترافق الحياة لحظة بلحظة بل تتننقل لتخلو المسيرة منهم بسبب طروء الموت العارض عليهم كما تقول الآية مخاطبة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): { إنّك ميت وإنّهم ميتون}.
وهذا يفترض وجود من يقوم بمهمة الرعاية والحفظ لشريعة الله في الأرض لضمانٍ دائم للتبليغ الدائم الذي يحمي من الإنحراف والضياع والتحريف والفئة المؤهلة لذلك هي التي نطلق عليها لفظ"الأئمة" الذين يجسّدون خط الإمامة بمعنى النيابة عن النبوة في أداء المهام الإلهية المطلوبة ولذا نقول إنّ الأئمة مأمورون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالحفاظ على الأغراض الأساسية والأصيلة للشريعة.
ومن هنا يفترض بمن يقومون بهذه المهمة المساوية للنبوة من حيث الدور والوظيفة وإن اختلفت في المواصفات الذاتية أن يكونوا أقرب ما يكون في مؤهلاتهم الإيمانية والعلمية والسلوكية من الأنبياء ولذا يقول الإمام زين العابدين(عليه السلام): ( الإمام يجب أن يكون معصوماً ، ولما لم تكن العصمة في ظاهر الخلق فيعرف بها، وجب أن يكون منصوصاً).
ولا شكّ أنّ الإمامة من حيث مواصفات الأشخاص المؤهلين ومن حيث الدور والوظيفة هي الخط الأضمن لاستمرار العقيدة الإلهية في حياة الإنسانية بحيث تؤدي الأدوار المطلوبة منها للهداية والإرشاد والوعظ.
وأكبر دليلٍ على ضرورة الإمامة هو ما حدث في تاريخ هذه الأمة عندما رحل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فانقسمت الأمة وتشعّبت إلى عشرات الفرق والمذاهب وكلّ مذهب أو فرقة تدّعي أنّها على الحق وهي الناجية دون الآخرين.
لهذا فالمطلوب من كلّ المسلمين وبالخصوص الملتزمين السعي الأكيد من أجل البحث والتدقيق والتمحيص في هذه القضية المهمة جداً،لأنّ الإيمان بالله سبحانه والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يحقّقان أصل التوجّه إلى الخالق مع بعض الأصول الرئيسية للشريعة، ولكن تبقى هناك الكثير من التفاصيل التي لها أدوار كبيرة في الحياة لا بدّ من أخذها عمّن نابوا عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في تبيان الأحكام خصوصاً إذا التفتنا إلى التشريع التدريجي للأحكام بالطريقة التي تنسجم مع فطرة هذا المخلوق لكي يكون قادراً على التفاعل والإنسجام والإندماج مع الشريعة في كلّ مواقع الحياة وتفاصيلها ليبقى ضمن حدود الصراط المستقيم لا غير، والإختلاف الموجود بين المسلمين عمّن هم الأئمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو القضية المحورية التي ينبغي أن ينصبّ الإهتمام عليها لأنّ مصيرنا في الآخرة مرتبطٌ بها وعدم انحرافنا في الدنيا مشروطٌ بها أيضاً.
من هنا فإنّ الله لن يعذر الذي يسير معه في هذه الدنيا تقليداً للآباء والأجداد لأنّ الله منح كلّ واحدٍ منّا عقلاً وفهماً ليحدّد الطريق الذي ينجيه من خلال الأدلة والبراهين القادرة على إعطاء الإنسان صفات الثبات والطمأنينة والإقتناع الذي لا يتزعزع و يهتزّ عند عروض الشبهات والشكوك. والحمد لله ربّ العالمين.