إستحباب صلاة الجماعة
- المجموعة: مقالات فقهية
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2191
وممّا لا شكّ فيه أنّ المسلم عند إتيانه بالصلاة له أجرٌ وثوابٌ عند الله سواءٌ أصلاّها منفرداً أو صلاّها مع جماعة, لكن ما من شكّ بأنّ الله يتقبّل الصلاة بالصورة الأفضل والأمثل وهي "صورة الجماعة" لاعتباراتٍ عديدةٍ نذكر منها ما يلي :
1 – التّقارب بين المسلمين : إذ إنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ صلاة الجماعة تُقرّب ما بين النّاس وتجعلهم يتعارفون ويلتقون ويتعاونون مع بعضهم البعض, بينما لو لم يكن هناك صلاة جماعةٍ فلن يحصل مثل هذا التّقارب, وإن حصل فليس بالشكل الحاصل من الجماعة .
2 – التّضامن والوحدة : إذ إنّ إقامة المسلمين لصلوات الجماعة في المساجد يكشف عن التّضامن والوحدة بين أبناء الشّعب المسلم الذي ينطلق في وقتٍ واحدٍ بصلاته ودعائه وابتهالاته إلى الله من خلال صلوات الجماعة التي تزيد من أواصر الوحدة وعلاقات الثّقة فيما بين أفراد الشّعب .
3 – بناء المساجد : وذلك لأنّ استحباب صلاة الجماعة قد يدفع بالمسلمين أحياناً الذي يسكنون في مناطق لا توجد فيها مساجد, لأن يبنوا مسجداً يجتمعون فيه ليصلّوا صلاة الجماعة ويتقرّبوا بها الى الله عزّ وجلّ, وهذا ما لاحظناه في أماكن كثيرة حصل فيها هذا الأمر وتحقّق الهدف ممّا أشاع السرور والفرح في قلوب المسلمين .
4 – الأجر والثواب : إذ لا شكّ أنّ أجر وثواب صلاة الجماعة يفوق بكثيرٍ أجر وثواب صلاة الفرد, لأنّه يكسب أجر صلاته وحده, بينما المصلّي في الجماعة يكسب أجر صلاته مُضافاً إلى أجور صلاة من معه في الجماعة, ومن الأحاديث الدالّة على ذلك :
أ-(الصلاة في جماعة تفضّل على كلّ صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة تكون خمس وعشرين صلاة) ،الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).
ب- (الصلاة فريضةٌ وليس الإجتماع بمفروض في الصلوات كلّها, ولكنّها سنّةٌ من تركها رغبةً عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له)، الإمام الصادق (عليه السلام).
ج- عن الإمام الصادق (عليه السلام) ،عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( ومن مشى إلى مسجدٍ يطلب فيه الجماعة كان له بكلّ خطوةٍ سبعون ألف حسنة و يرفع له من الدّرجات مثل ذلك, فإن مات وهو على ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملكٍ يعودونه في قبره ويبشّرونه ويؤنسونه في وحدته, ويستغفرون له حتى يبعث ) .
لكن لصلاة الجماعة ولصحّتها شروطٌ لا بدّ من توفّرها ومن أهمّها على الإطلاق شرطٌ وحيدٌ سنتوقّف عنده وهو :عدالة إمام الجماعة، لأنّ النّاس عندما تريد الإئتمام لشخصٍ ينبغي لهذا الشّخص أن يكون مُتّصفاً بصفة العدالة والإستقامة التي تعني فعل الواجبات وترك المحرّمات, وهذا هو الحدّ الأدنى المطلوب من العدالة, وكلّما كان مُلتزماً بفعل المستحبّات أيضاً وترك المكروهات كذلك كان هذا أفضل وأحسن لأنّه يدلّ على مزيدٍ من درجة العدالة والتقوى والورع والخشية من الله التي تنعكس ثقةً أكبر في نفوس المصلّين والمأمومين .
وبناءٌ لكلّ ما سبق لا يمكن لصلاة الجماعة أن تكون سبباً في هدم وحدة المؤمنين أو تنوّع مشاربهم واتجاهاتهم إذا كان أئمّة الجماعة متقاربين فكرياًّ وتوجُّهاً ومساراً وعملاً .
نعم لو فرضنا أنّ هناك إمام جماعةٍ مُعادٍ لجمهورية الإسلام وقيادتها الحكيمة والرشيدة ويعمل خلاف مصالحها التي هي عين مصالح المسلمين فمثل هذا لا يكون مثلاً لإمام الجماعة لفقدان صفة العدالة المفترض أنّها أساسٌ في شخصيّة إمام الجماعة .
أمّا فيما عدا ذلك فيمكن الإقتداء بأيّ إمام جماعةٍ توافرت فيه الشّروط ولو كان هناك بعض الإختلافات الفكريّة أو الفقهيّة أو العقائديّة ما لم تصل إلى حدود خرق الإجماع الديني أو المذهبي, ولا ينبغي للمسلم أن يفوّت على نفسه كلّ ذلك القدر من الأجر والثواب على المستوى الأخرويّ, وكلّ ذلك التّضامن والتوحُّد والتّقارب على المستوى الدنيويّ بسبب بعض المشاحنات أو الخلافات الصغيرة التي تحصل هنا وهناك .
والحمد لله رب العالمين