موقعية العادات والتقاليد في الاسلام
- المجموعة: مقالات تربوية
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 4746
باسمه تعالى
تربوي
موقعية العادات والتقاليد في الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يحضرني قول للإمام علي (عليه السلام) إذ قال: "لا تقسروا أولادكم على آدابكم، فإنّهم مخلوقون لزمانٍ غير زمانكم ".
إنني أرى في هذا القول (شمولية)
هنا تأخذني الحيرة في كيفية التعاطي مع الأولاد، إذا ذهبوا وراء الموبقات والأعمال غير العقلانية، فكيف يكون التعامل معهم أي مع الأولاد وردعهم.
أكون شاكراً لسماحتكم لو تكرمتم وشرحتم لي بإسهاب قول الإمام علي (عليه السلام) بشكل وافي ومقنع ومنطقي.
مع الشكر الجزيل لسماحتكم
ي.ع.
لمن يعنيه الأمر: السلام عليكم:
عندنا في الإسلام ثلاث منظومات تشكل التطبيق العملي للشريعة الإسلامية وهي:
1- منظومة الحلال والحرام: ونعني بها الأحكام الشرعية التي تنقسم إلى الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح والأحكام الوضعية كالزواج والطلاق ومجمل أمور المعاملات.
2- منظومة الأخلاق: ونعني بها الصفات الحميدة التي يريدنا الإسلام أن نتحلى بها كالصدق وأداء الأمانة والكرم والصبر والعفة والحياء وحسن التعامل مع الناس والإصلاح بينهم، وأن نبتعد عن الصفات الذميمة كالكذب وخيانة الأمانة والبخل وما غير ذلك من صفات سيئة لأنها تتنافى مع الفطرة الإنسانية السليمة التي جعلها الله فينا وهي المفطورة على حب الخير وفعله وحب الناس الآخرين الموجودين في محيط كل فرد من أفراد البشر من أرحام وأقارب وأصدقاء وجيران وزملاء عمل وإلى ما هناك من عناوين أخرى للناس من حولنا،ولذا ورد عن النبي (ص) :"انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق".
3- منظومة الآداب والسلوك: ونعني بها الأشياء التي تتغير بتغير الأزمان والأحوال، كالطعام والشراب واللباس وطريقة العيش بتفاصيلها الصغيرة منها أو الكبيرة، لكن حتى في هذه المنظومة التي تتغير بتغير الأزمان هي محدودة ومقيدة بالمنظومتين الأوليتين، فمثلاً: كان التعليم قديماً يتم عبر تعليم القراءة والكتابة من خلال القرآن الكريم ولم تكن هناك مدارس تعطي شهادات، بينما اليوم لا بد من الإنتساب إلى المدارس والمعاهد والجامعات للتعلم ونيل الشهادات الرسمية حتى يستطيع الإنسان أن يعمل في وظيفة ما أو أي عمل يريده.
وكذلك في اللباس فقديماً كان لباسنا غير الذي نلبسه اليوم بسبب تغير نظام اللباس، ولذا نلبس اليوم ثياباً غير التي كان يلبسها أجدادنا في العصور الماضية، وكذلك في مجال الطعام حيث نرى اليوم أصنافاً كثيرة من الطعام لم نكن نعرفها أو نسمع بها قبل عقود قليلة. وبالجملة ما يريد الإمام علي (ع) قوله (أن التغير الذي يطرأ هو في مجال المنظومة الثالثة لا غير) لكن المنظومتين الأوليتين لا تتبدلان ولا تتغيران بتغير الأزمنة. ولذا يقول علماؤنا بأن الفقه هو من نوع الأخلاق الإلزامية، والأخلاق هي فعل تطوعي بمعنى أن يسعى الإنسان لتهذيب نفسه وتدريبها على التمتع بالصفات الحميدة ولكن من دون إلزام، وتسمى المنظومة الثالثة في عرفنا بـ (العادات والتقاليد) هذا بشكل مختصر شرح قول الإمام علي (ع) (أدِّبوا أولادكم بغير آدابكم، فإنّهم خُلقوا لزمانٍ غير زمانكم). والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد توفيق المقداد