الحرس الثوري هدية الإمام (قده) للشعب المسلم في لبنان
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1953
تفاعل الشعب المسلم في لبنان مع الحدث المعجزة الذي تحقّق بفعل انتصار الثورة الإسلامية المباركة بقيادة الإمام الخميني الراحل (قده) إلى المستوى الذي كاد المراقب يقول ( إنّ الشعب المسلم في لبنان هو الذي صنع الثورة وليس الشعب المسلم في إيران ). وهذا الأمر لم يكن فيه أيّة غرابة نظراً للروابط العقائدية والتاريخية الوثيقة التي تربط ما بين الشعبين المسلمين مُضافاً إلى أنّ الإنتصار الكبير أعاد إلى أذهان المسلمين عموماً والمسلمين في لبنان خصوصاً ذكريات الإنتصارات العظيمة لروّاد الإسلام الأوائل بقيادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان أشبه ما يكون بيوم فتح مكة . الحنين والشوق اللذان كانا مكبوتين في صدور المسلمين بسبب الهزائم المتوالية التي مُنيت بها الأمّة على أيدي القوى الإستكبارية في العالم وجدا طريقهما إلى التحرّر من الكبت والأسر من خلال انتصار الثورة الإسلامية التي تمنى كلّ شعبٍ مسلم لو أنّه هو الذي أحرز نصر السبق وحاز شرف ذلك الإنتصار المدوّي والمزلزل . وبما أنّ الجمهورية الإسلامية تنطلق من الإسلام عقيدةً
ونظاماً وقيادة وسلوكاً ، وهذا الدين لا يختصّ بشعبٍ محدّد أو مكانٍ كذلك ، فقد تحمّلت الدولة الوليدة أعباء الأمّة الإسلامية كلّها واعتبرت نفسها مسؤولة قيادة وشعباً ومؤسّسات عن رعاية الشعوب المسلمة في المجالات كلّها . ونظراً إلى الضعف والإنكسار الذي تعيشه الأمّة أمام أعدائها من القوى الإستكبارية وربيبتها (جرثومة الفساد ) إسرائيل الكيان الغاصب للقدس الشريف والمشرّد للشعب الفلسطيني المسلم من أرضه ، كان نظر المقامات المسؤولة في الجمهورية وعلى رأسها الإمام الراحل (قده) أنّ من أولويات سياستها هي دعم الحركات الثورية الإسلامية الممتدة في طول البلاد الإسلامية وعرضها ، لتضع الإمكانيات والخبرات بين أيديها من أجل تحرير الشعوب المسلمة من التبعية السياسية والإقتصادية للغرب الكافر والشرق الملحد معاً ، وهما القوّتان اللتان تتنافسان للهيمنة على الشعوب الفقيرة ونهب مواردها وخيراتها ومصادرة حرية تلك الشعوب في اتخاذ القرارات التي تحفظ وجودها ومصالحها . والشعب المسلم في لبنان ، مُضافاً إلى أنّه يعيش في ظلّ نظامٍ تابع في سياسته ونظامه للشيطان الأكبر ( أمريكا ) ، فقد كان وما زال مبتلى بوجود الكيان الغاصب الذي يمارس بطشه وإرهابه على الشعبين اللبناني والفلسطيني المسلمين نظراً إلى أطماعه التوسّعية في الأرض والمياه لتوطين اليهود والقادمين من كلّ دول العالم سعياً وراء إقامة مشروع ( إسرائيل الكبرى ) من الفرات إلى النيل . من هنا ، شعر الشعب المسلم المستضعف في لبنان بالقوّة وتجدّد العزيمة للجهاد بعد الإنتصار الرائع للثورة ، ووجد فيها من خلال قيادتها الحكيمة وشعاراتها التحرّرية التي رفعها الإمام (قده) أنّها يمكن أن تكون خير معين له للوقوف بوجه الأطماع الإسرائيلية التوسّعية على حساب أرضنا وشعبنا. من هذا المنطلق ، كانت بدايات تواجد الحرس الثوري في لبنان ، أولئك المجاهدون الحسينيون الذين كانوا جزءاً لا يتجزّأ من حركة الشعب المسلم المنتفض الذي صنع الإنتصار في إيران الإسلام، ذلك التواجد الذي كان خيراً محضاً وبركة وهديّة غالية من الإمام العظيم (قده) للشعب المسلم في لبنان . وقد كان لذلك التواجد آثاره التغييريّة الواسعة على حركة الشعب المسلم في لبنان خاصة بعد التطوّرات الكبيرة التي حصلت في مسار الحرب التي كانت مفروضة على الجمهورية ووصول وهج الإنتصارات الكبيرة التي حققها المجاهدون هناك وأوصلت النظام العراقي إلى حافّة الإنهيار والسقوط في سنة ( 1982 ) . إنّ تلك الإنجازات جعلت للحرس الثوري وتضحياته في سبيل الإسلام والأمّة بشكلٍ عام قدسية مميزة عند الشعب المسلم في لبنان ، الذي وجد في أفراد الحرس القدوة والنموذج للشباب المسلم المجاهد المطيع لولي الأمر الفقيه العادل الذي كان متمثلاً بالإمام الخميني (قده) . من هنا ، كان الشباب المسلم في لبنان يندفع وبقوّة إلى الإنخراط في صفوف الدورات التأهيلية التي بدأ الحرس بإقامتها في لبنان ، خاصة وأنّ الروح المعنوية العالية التي اكتسبها الشباب المتديّن في لبنان من خلال الثورة قد جعلتهم مهيّئين نفسياً وروحياً لقتال إسرائيل الكيان الغاصب التي كانت اجتاحت لبنان في حزيران من العام 1982 ، ذلك الإجتياح الذي رأى فيه الشباب المسلم أنّه تحدٍ لهم ولإسلامهم وأنّه محاولة لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء عندما كانت الروح المعنوية منهزمة ومنكسرة أمام إسرائيل التي جعلتنا أنظمتنا العميلة بمعظمها نتصوّر أنّ ذلك الكيان الذي انهزموا أمامه هو صاحب الجيش الذي لا يُقهر ولا يمكن هزيمته . إنّ التأثيرات التي تحققت في لبنان من خلال وجود الحرس الثوري لم تقتصر على المجال العسكري وحده تدريباً وتأهيلاً وتسليماً ، وإن كان هذا التأثير هو الأكبر والأهم ، لأنّ دور الحرس الثوري في هذا المجال قد استطاع تزويد شباب المقاومة الإسلامية الذين اندفعوا للدفاع عن أرضهم ودينهم بروحية أفراد الحرس الثوري وبمعنوياتهم العالية التي اكتسبها شبابنا من أولئك المجاهدين المخلصين الذين تركوا ديارهم ليكونوا في خدمة إخوانهم في الدين والعقيدة الذين كانوا يحتاجون إلى العون والمدد في مواجهة الإجتياح الإسرائيلي البغيض . وإذا أردنا أن نورد التغييرات الأساسية التي تحقّقت بفعل ذلك الوجود المبارك للحرس الثوري الذين اختصهم الإمام (قده) بكلمة رائعة وهي: ( أتمنى أن أكون أنا أيضاً فرداً من أفراد الحرس الثوري ) ، فإنّه يمكننا أن نجد ذلك ضمن العناوين التالية وهي : أولاً - الروحية العالية للجهاد : إنّ تميّز أفراد الحرس الثوري بالروح المعنوية العالية جداً لعبت دوراً مميزاً في جعل الشباب المسلم في لبنان مطواعاً وقابلاً للإندفاع نحو الجهاد ومهما كانت الأخطار والعقبات ، وقد تجلّى ذلك في مسيرة العمل الجهادي التي رأينا كيف أنّ بعض نماذج المجاهدين كشهداء العمليات الإستشهادية الذين كانوا يركضون إلى الموت بوجهٍ ضاحك وعقلٍ منفتح على الله وقلبٍ هادئ مطمئن . إنّ تلك الروحية التي لم تعهدها ساحة العمل الجهادي في لبنان والتي برزت نماذجها الأولى على يد شباب المقاومة الإسلامية الذين تلقوا تدريباتهم على يد الحرس الثوري قامت بدورٍ كبير في تنوير الحالة الشعبية الإسلامية ورفعت من معنويات المسلمين في لبنان عالياً ، ووسّعت من إطار ساحة العمل الجهادي إلى مستوى حركة شعب ، بعد أن كانت في بداياتها الأولى محصورة ضمن مجموعاتٍ معدودة ومحدودة من الذين تأثروا بروحية أفراد الحرس أولئك الذين قاموا بدورٍ متميّز في تحويل كلّ عوامل الهزيمة والإحباط عند أولئك المجاهدين إلى الروحية الإيمانية العالية التي جعلت منهم أسوداً وأبطالاً في ساحات الجهاد وضدّ العدو الصهيوني . وكان من ثمار تلك الروحية هو ما رأينا من الإنسحاب الإسرائيلي وتحويل انتصاره في لبنان إلى هزيمة للمرة الأولى في تاريخ الصراع مع إسرائيل وأثبتت تلك الروحية التي تواجدت عند أولئك الشباب من مجاهدي المقاومة الإسلامية ، أنّ الإسلام عندما يملأ روح المجاهدين وعقولهم وقلوبهم ومع وجود القيادة الرشيدة والحكيمة والقوية في ذات الله كقيادة الإمام الخميني (قده) فإنّ يوم الإنتصار لا محالة قادم مهما حاول الأعداء منع ذلك أو تأخيره . ثانياً - الإرتباط بالله : وهذا الأمر الذي لم يكن معدوداً من الظواهر المتعارفة عند الشباب الملتزم في لبنان ، فإنّ المراقب يتوقف عند هذه الظاهرة المهمة التي تجلّت بقوة بعد دخول الحرس إلى لبنان ، وتجلّت في إحياء سهرات الأدعية ومجالس العزاء في المساجد والأماكن الدينية وكانت تترافق تلك الأجواء مع نفحات إيمانية راقية مترافقة مع الدموع المنسكبة من الأعين الباكية ومع رفع الأيدي إلى الله بالدعاء . إنّ هذه الأجواء المفعمة بالعلاقة الإيمانية القوية بالله سبحانه وتعالى كانت أثراً إيجابياً راقياً من آثار ذلك التواجد المبارك للحرس الثوري ، وبذلك التغيير الطارئ تغيّرت النظرة إلى الشباب المسلم في لبنان ، خاصة بعد أن صارت هذه الروح الإيمانية المرتبطة بالله بقوّة سبباً رئيساً من أسباب دفع حركة الشباب نحو الجهاد ، وهكذا صار هؤلاء الشباب عبّاداً لله في جوف الليل بين راكعٍ وساجدٍ وباكٍ وقارئٍ للقرآن وفي النهار ليوث الوغى وفرسان ساحات القتال يطاردون العدو الإسرائيلي المحتل في كلّ مناطق أرضنا المحتلة من منطلق الإيمان والوعي والإدراك والثبات والصبر على الجهاد لأنّ الهدف هو الله ورضاه والطريق لذلك هي مغفرته وعفوه ورحمته . ثالثاً - السلوك الفردي : وفي هذا المجال لعب الإخوة المجاهدون من أفراد الحرس الثوري الذين تميّزوا بالتواضع والبساطة النابعة من الإدراك العميق لوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذه المواصفات التي كانت تظهر في تعاملهم مع الشباب المسلم في لبنان ومع الشعب المسلم بشكلٍ عام كان لها عظيم الأثر في مجاهدينا وشبابنا ، فصاروا ينظرون إلى أفراد الحرس كيف يتعاملون ويكتسبون منهم تلك المواصفات ، حتى وصل الأمر في بعض الأحيان نتيجة التشابه في المظهر الخارجي لإخواننا مع الحرس عدم التمكّن من تمييز أفراد الحرس عن مجاهدينا لشدّة التأثر وعمق الإقتداء ، وهذا ما أدّى إلى تغيّرٍ واضحٍ وجليّ على مستوى الكثير من مفردات السلوك الفردي مع النفس ومع الآخرين ، وهذا ما جعل لأفراد الحرس مقبولية عامّة عند الشعب المسلم اللبناني نظراً لما رأوه من قوة الجاذبية والتأثير التي استطاعوا بها تغيير عالي ورفيع لم يكن الشعب اللبناني معتاداً على رؤية نماذج متكثرة منه . رابعاً - الطاعة للولي الفقيه : وفي هذا المجال تجلت قدرة الإسلام العظيمة التي كانت تظهر في أفراد الحرس الثوري من حيث الطاعة للمسؤولين وسرعة التلبية والإستجابة للأوامر ، هذه الطاعة المتميّزة هي التي انتقلت أيضاً إلى الشباب الملتزم في لبنان ممّا سهلت عملية الإنقياد بعد مرحلة التهيّؤ والإعداد ، ودخل في عقول مجاهدينا حبّ الطاعة والتزام الأوامر نظراً لما كانوا يلمسونه من أفراد الحرس من قدسية الأمر المتوجّه إليهم وعدم الجرأة على مخالفته ، لأنّ المخالفة معصية لله سبحانه وتوهين وإضعاف لموقعية القيادة بكلّ رتبها وامتداداتها الإدارية والتنظيمية ، ولهذا صرنا نلمس مدى الإحترام والتقدير والتقديس لمنصب الولي الفقيه الذي يعتبر الأصل والقاعدة الأساس في عملية الطاعة من جانب الشباب الملتزم والمجاهد في لبنان ، وهذا ما لعب دوراً كبيراً في سلامة التخطيط والتنفيذ للكثير من الأعمال الجهادية وعلى كلّ المستويات العسكرية والسياسية والإعلامية من دون الأخذ بعين الإعتبار كثيراً الأخطار والموانع التي كانت موجودة في العديد من الأعمال التي تمّ تنفيذها وهكذا صارت مسألة ولاية الفقيه ووجوب طاعته وحرمة مخالفته عقيدة ثابتة ومنهجاً واضحاً سار عليه شبابنا وما يزالون متمسّكين به كوسيلةٍ أساسية من وسائل النجاح في العمل الجهادي بكلّ تشعّباته وطريقاً لعبادة الله سبحانه لنيل رضاه ودخول جنّته وملاقاة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته (عليهم السلام) . خامساً- الإرتباط بصاحب الزمان (عج) : لقد كانت هذه المسألة هامشية عند المسلمين في لبنان عموماً وعند الشيعة خصوصاً ، والتي كانت تتجلّى في ذلك الإرتباط العملي والحقيقي به (عليه السلام) وليس فقط بنحو الإرتباط العقائدي الفكري البحت ، فإنّ تلك الطريقة ونتيجة التفاعل بين شبابنا المجاهد والملتزم وبين أفراد الحرس ، إنتقلت تلك الروحية الصافية والصادقة إلى قلوب شبابنا ، ودخل الإمام المهدي (عج) إليها ليأخذ دوره الطليعي فيها ، وهو دور قيادة الأمّة ، وصرنا نلمس مدى التأثّر الواضح عند هؤلاء الشباب والمجاهدين عند دعائهم للإمام (عليه السلام) لكي يعجّل الله فرجه الشريف ليقاتلوا تحت رايته وبين يديه لينالوا الشهادة الكبرى ، وتحوّل الإمام المهدي (عليه السلام) عندهم إلى معشوقٍ يزداد عشقه ويقوى الشوق والحنين إليه يوماً بعد يوم ، وهكذا صار إسمه الشريف المبارك على كلّ شفةٍ ولسان ، بات اسمه رمزاً للكثيرين من العمليات الجهادية التي حقّق فيها مجاهدونا البواسل الإنجازات الكبيرة التي كانوا يعتقدون بأنّ تسمية العملية باسمه الشريف المبارك كانت السبب الرئيسي لتلك الإنتصارات التي أحبطت آمال العدو الإسرائيلي والقوى الإستكبارية الداعمة له وعلى رأسها أمريكا ( الشيطان الأكبر ) ومصاصة دماء الشعوب المستضعفة في العالم . سادساً - ترسيخ العداء لأمريكا وإسرائيل : إنّ العداء لأمريكا وإسرائيل كان قائماً وموجوداً عند الشعب المسلم ، إلّا أنّ ذلك العداء لم يكن متأصّلاً ومتجذّرا كحالة ثابتة ، إلّا أنّ الثورة الإسلامية استطاعت أن تلعب دوراً مميّزاً في هذه المسألة بالذات من خلال توعيتها للأمّة الإسلامية عموماً عن بشاعة الدور الأمريكي في العالم ، ولهذا كان أحد أهم الأعمال التي كان الحرس الثوري في لبنان هو نشر هذه المقولة عند الشعب المسلم في لبنان وبيان الأخطار الناتجة عن الإرتهان للسياسة الأمريكية وربيبتها إسرائيل . ولعبت الرسوم الجدارية الكبيرة وكتابة كلمات الإمام المقدّس (رضى ) التي قام الحرس الثوري بنشرها في عموم مناطق تواجد المسلمين في لبنان دوراً في لفت نظر المسلمين إلى أنّ الأعداء الأساسيين الذين يحطّمون وحدة الأمّة ويشتّتون قوّتها هم القوى الإستكبارية في العالم وأمريكا بينها بالخصوص وربيبتها جرثومة الفساد إسرائيل ، وما زال الشعار الذي رفعه الإمام (قده) ( إنّ كلّ مصائبنا تأتي من أمريكا ) حياً ماثلاً أمام الأمّة كلّها ، حتى لا يضيع هذا العدو الأساس بين زحمة الخلافات الهامشية التي يثيرها فيما بيننا لإضعافنا جميعاً والسيطرة علينا . إنّ تربية أفراد الحرس الثوري على العداء المطلق لأمريكا وإسرائيل هي التي انتقلت إلى شبابنا أيضاً لا بنحو التقليد فقط ، وإنّما لأنّهم صاروا يمتلكون الأسس التي ساعدتهم على تركيز تلك القناعة أيضاً ، لأنّ تطبيقاتها على أرض لبنان كانت متمثلة لتعطي للمقولة التي أطلقها الإمام (قده) ونشرها الحرس الثوري موضوعيّتها وواقعيتها ، والإنتصار الرائع للثورة الإسلامية في إيران هو الذي دفع بالمجاهدين في لبنان إلى تلمّس خطى ذلك الشعب من أجل التحرّر من سيطرة أمريكا وإسرائيل ، هذا الشعار الذي ما زال مرفوعاً لم يسقط ولن يسقط بإذن الله العلي القدير حتى تحقيق الهدف وهو إزالة إسرائيل من الوجود وقطع أيادي الدول الإستكبارية عن عالمنا الإسلامي وعن عالم المستضعفين كلّه تطبيقاً لشعار الإمام (قده) بأنّ قتالنا هو لرفع الفتنة في العالم . سابعاً - الوحدة الإسلامية في لبنان : وفي هذا المجال استطاع الحرس الثوري أيضاً أن يلعب دوراً مميزاً في التقريب بين وجهات النظر المختلفة عند الطوائف الإسلامية التي كان مفصولاً فيما بينها بفواصل وهمية جعلتهم يعيشون التفرقة والمذهبية الضيّقة ، وقد سعى الحرس الثوري قيادة وأفراداً في سبيل هذه القضية من خلال تبيين الأخطار الكبيرة الناتجة عن عدم التفاعل والتواصل بين أبناء المذاهب الإسلامية ، وقد رعى الحرس الكثير من النشاطات الإسلامية واللقاءات بين مختلف الطوائف الإسلامية ، وقام بجهدٍ مشكور عليه في هذا المجال ، حتى ظهر إلى الوجود في لبنان نماذج تشكّل أسوة وقدوة للعالم الإسلامي في مجال العمل الوحدوي ، خاصة وأنّ هذه التجربة لاقت صدى إيجابياً واسعاً في بادئ الأمر وأثمرت نتائج كبيرة على مستوى عموم المسلمين ، ولهذا تحرّك مثيرو الفتنة من أتباع النظام الوهّابي في السعودية المتضرّر الأول من هذا التوحّد الإسلامي لضرب هذا النموذج الرائع الذي لعب الحرس دوراً في التحضير له ثمّ في وجوده ، والحمد لله ما زالت تجربة العمل الوحدوي هذا قائمة وما زال صداها وتأثيرها إيجابياً ، ومن جملة التأثيرات الإيجابية للحرس في هذا المجال هو توزيع نشاطاته الثقافية وغيرها على عموم المناطق الإسلامية السنية والشيعية وما زالت تقوم بدورها في مجال تعميق التقارب بين المسلمين . تلك هي الصورة المختصرة عن الإنجازات التي تحقّقت في لبنان نتيجة الوجود المبارك للحرس الثوري الذي هو الهديّة الكبرى من الإمام الراحل (قده) للشعب المسلم في لبنان ، هذا الشعب الذي سار على خطى القائد المؤسّس بطاعة مطلقة وقلب مطمئن ، وتعامل مع هدية الإمام (قده) بالقدر الذي تستحقه تلك الهديّة الرائعة ، التي كنّا نرى فيها ونلمس من خلالها روح ذلك القائد المسدّد الذي كان العين الساهرة على الحرس الثوري الذي كان يرى فيه عماد الثورة والحامي الأساس لها من كلّ الأخطار ، وقد قامت هديّة الإمام (قده) أعني ( الحرس الثوري ) بنشر أفكار الإمام بصدقٍ وأمانة وإخلاص مستلهمة من روحه الطاهرة وإيمانه العميق وخلوص ارتباطه بالله سبحانه ، فتلقّف الشعب المسلم في لبنان كلّ ذلك وتقبّله شاكراً ، وأثبت المجاهدون من أبناء المقاومة الإسلامية وفاءهم لإمامهم من خلال صدق علاقتهم وصفائها بالحرس الثوري ، حتى قال الإمام (قده) تلك الكلمة الرائعة بحقّ مجاهدي حزب الله لبنان التي نعتبرها اليوم شعارنا ونبراسنا والتي لعب الحرس دوراً مميزاً قيادة وأفرداً في وجودها ، تلك الكلمة هي :( إنّ جهاد حزب الله لبنان هو حجّة على كلّ العلماء) . فبورك للحرس الثوري في يوم تأسيسه الذي يصادف في ذكرى مولد الإمام الحسين (عليه السلام) ونسأل الله أن تبقى تلك الشعلة التي أوقدها الإمام (قده) متوقدة وهّاجة تشعّ بضيائها ونورها على المسلمين ، كما أضاءت لنا في لبنان الطريق ببركة الإمام الراحل (قده) ورعاية الولي الحاضر لأمر المسلمين آية الله السيد علي الخامنئي حفظه الله وأدام ظله الوارف فوق رؤوس المسلمين حتى يحققوا كلّ آمالهم وأمانيهم تحت لواء قيادته الحكيمة والرشيدة على نهج الإمام الخميني العظيم (قده) . وختاماً رحم الله شهداء الحرس الثوري والمقاومة الإسلامية وروح إمامنا الغالي والسلام عليكم .