مدخل إلى خطّ الإمام "قده"
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2115
يكتسب الحديث عن الإمام الخميني "قده" ميزة خاصة كونه الوحيد من سلسلة طويلة من الفقهاء استطاع تحطيم الحواجز والموانع، و"الوصول بالشريعة الإسلامية إلى مرحلة العمل والتطبيق في دولةٍ "تقوم على أساس" الإيمان بالله والتوكّل عليه" وتستمدّ تشريعاتها من كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد تجاوز الإمام "قده" الواقع الذي أفرز قديماً وإلى عهدٍ قريبٍ "من أنّ الفقهاء لا يعتبرون العمل السياسي جزءاً من عملهم ونشاطهم"، ولهذا كانت الفتوى المعتمدة عند الأكثرية وباعترافٍ صريحٍ من أحدهم وهو الشيخ محمد باقر المحمودي (عدم وجوب إقامة الدولة الإسلامية) ودليلهم هو "عنوان ثانوي" مستنبط من تجارب حدثت في عهد الأئمة ( عليهم السلام) وعمدتها "ما جرى مع أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين ( عليهم السلام)، ومع زيد بن علي ويحيى بن زيد" ومفاد هذا الدليل: (أنّ الناس التي تقاعست عن نصرة الأئمة وأبنائهم لن تتوانى عن خذلان الفقهاء وهم دون الأئمة وأبنائهم في الإيمان والمرتبة الإجتماعية).
لهذا يعتبر الإنجاز الضخم وهو "انتصار الثورة وإقامة الدولة" فتحاً مبيناً، لأنّه استطاع أن يزيل من أمام فقهائنا الأجلاّء عقبة كبرى كانت سبباً لجمود النشاط والعمل من أجل إقامة دولة الإسلام على امتداد قرون متمادية، ولهذا قال الفقيه نفسه حول هذا الإنجاز :(إنّ الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه قد أثبت بطلان المقولة التي استند إليها الفقهاء كعنوانٍ ثانوي للحكم بعدم وجوب إقامة الدولة الإسلامية، وأنّ الناس يمكن أن تثور وتقوم وليست في معرض التراجع والإنهزام دائماً).
ولا شكّ أنّ شخصية الإمام "قده" قد لعبت دوراً عظيماً جداً في الوصول إلى هذا الإنجاز، من هنا كان لا بدّ من الرجوع إلى السيرة الذاتية والعملية للإمام "قده" التي أكسبته ثقة الجماهير فوقفت معه وإلى جانبه، وأعطته بلا حساب من دمها وما لها وجهدها، ولم تبخل عليه وكانت وفية له يوم رحل إلى الله سبحانه، وتدفّقت بالملايين شعوراً منها بفقدان الأب الرحيم والقائد الملهم الذي أنقذها من كلّ الأخطار التي كانت تتهدّدها، وأعلى شأنها فرفعها من موقع الذلّة والخنوع أمام الآخرين إلى موقع العزّة والكرامة والشرف، وجعلها تحسّ وتشعر بقيمتها الإنسانية، وأن تدافع عن كلّ ما طرحه الإمام "قده" من قضايا أساسية ومصيرية.
إنّ كلّ الشعوب والجماهير التي ما زالت تعتبر أنّ الإمام "قده" هو ملهمها وباعث قوّتها وسرّ عظمتها، هي بأمسّ الحاجة إلى معرفة خطّ الإمام ونهجه، ليبقى هذا الخطّ بكلّ مفرداته المستمدّة من روح الشريعة الإسلامية ونصّها الدستور الأساس لمسيرتها، والعنوان الأكبر لجهادها واستمرارها في خطّ البناء الذاتي وفي خطّ المواجهة لقوى الإستكبار العالمي وعلى رأسها أميركا وربيبتها جرثومة الفساد "إسرائيل الغاصبة".
فالإمام "قده" الذي لم يبخل على الأمّة الإسلامية وعالم المستضعفين كلّه بشيء، وجعل وجوده كلّه وحياته كلّها في خدمة هؤلاء، ليس كثيراً عليه أن تعيش الأمّة والمستضعفون حالات الوفاء له بالإستمرار على المسير في خطّه ونهجه وتستلهم منه ما يزيد من قوّتها وعنفوانها ووقوفها بوجه الظالمين المستبدّين.
لهذا سوف تركّز المقالات القادمة للحديث عن مفردات خطّ الإمام "قده"، لتكون الصورة واضحة أمام جميع الذين يجاهدون بالسلاح والمرابطة، أو بالكلمة والموقف في مواجهة أعداء الله والإنسانية جمعاء.
والحمد لله ربّ العالمين