الأحد, 24 11 2024

آخر تحديث: الجمعة, 01 آذار 2024 3pm

تكليفنا حول الإنتخابات النيابيّة

sample imgage

يقول الله تعالى:{وقفوهم إنّهم مسؤولون}، و { لا تقف ما ليس لك به علم إنّ السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولاً}.

وقد ورد في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ألا كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤولٌ عن رعيّته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأة راعيةٌ على بيت بعلها وولده وهي مسؤولةٌ عنهم)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه تصيرون فإنّ الله تعالى يقول: {كلّ نفسٍ بما كسبت رهينة}، ويقول:{ ويحذّركم الله نفسه وإليه المصير}، ويقول:{ فوربّك لنسئلنّهم عن الصغير من عملكم والكبير}...).

 

هذا الجو كلّه يوحي صراحةً أنّ الإنسان مسؤولٌ عن كلّ فعلٍ من أفعاله، ومعنى المسؤولية أن يقف الإنسان عند الحدود الشرعيّة في كلّ أمرٍ من أموره أو حالٍ من أحواله، فلا يتخطّاها أو يتجاوزها ليتعامل مع القضايا والأحداث بما تشتهيه النّفس أو ترغبه ولو كان ذلك مخالفاً لشريعة الله أو لأمره.

فالإنسان المسلم الملتزم يمتاز عن الآخرين بشخصيّته الرساليّة التي تجعل منه إنسان الله في أرض الله، وتجعل منه الداعية والسراج المنير لشريعته ودينه، وتجعل منه القدوة والأنموذج في الأصالة والمبدئيّة، وعدم تجاوز ما يؤمن به من عقائد وسلوك لدواعي شهوات النفس التي قد تنساق في الكثير من الأحيان إلى ما لا يحبه الله نتيجة سيطرة الشهوة وغلبة الشيطان على الإنسان.

ومن أبرز وأهم جوانب الشخصيّة الرساليّة المسؤولة والملتزمة هو الجانب السياسي والإجتماعي العام منها، حيث يلعب هذا الجانب دوراً كبيراً في تحديد الخيارات والمسارات أمام الجماعة والأمّة، فعندما يتحمّل الرسالي مسؤوليّته مع إخوانه الرساليين من أمثاله ويقف معهم في الخندق الواحد والصف الواحد فإنّه يعطيهم قوّة ويعطونه قوّة أكبر كذلك، وهذه القوّة هي الكفيلة بحماية الجميع وحفظهم من كثيرٍ من الحالات السلبية التي يمكن أن تجعل فيما لو انفرط عقد المؤمنين الملتزمين من خلال عدم تحمّلهم لمسؤوليّتهم الشرعية، وانحاز كلّ واحد منهم إلى طرفٍ ما لا يأتلف ولا يتوافق مع مسيرة الإيمان والإلتزام الرساليين.

ومناسبة هذا الكلام هو الإنتخابات النيابية المقبلون عليها هذا الصيف في لبنان، والتي سينتج عنها إختيار ممثلي الشعب ليكونوا صوته ولسانه الذي يدافع عن قضاياه وهمومه ويعبّر عن آلامه وآماله، ويوصل الحقّ إلى صاحبه.

وهذه الإنتخابات بالخصوص على ما سيبدو أنّها ستكون معركةً يخوضها أبناء الإسلام المحمدي الأصيل الذين يحملون مشروع المقاومة والإستنهاض والتغيير ضدّ كلّ القوى الأخرى التي لا تريد الخير والسعادة لإنساننا ولشعبنا، وتريد لهم أن يبقوا رهينة لعبة القوى الكبرى واستبدادها وغطرستها وتعاملها مع شعوبنا على أنّها تابعةٌ ذليلة خاضعة لأوامر الأسياد والأمريكيين وفي خدمة المحتلّين الإسرائيليين على مستوى منطقتنا العربية الإسلامية.

لقد كشف الأمريكي عن وجهه البشع في معركة الإنتخابات النيابية في لبنان وصرّح بأنّه لا يريد أن يرى ممثلين للمقاومة الإسلامية وشعبها في المجلس النيابي، ويعمل النظام الأمريكي على تحقيق ذلك عبر الطلب صراحةً ومداورةً ومع الكثير من الجهات التي تنسق معه رغبة في إعطائها حصّة ذليلة على حساب الكرامة والشرف على منع وصول ممثلي حزب الله والمقاومة الإسلامية إلى البرلمان.

في مثل هذه المواجهة الشرسة التي تخوضها ضدنا أمريكا وينفّذها أذنابها وعملاؤها ينبغي على المؤمنين الرساليين الملتزمين أن يقفوا بكلّ قوّةٍ وجرأةٍ وصراحة لإجهاض هذا المسعى الشيطاني، والوقفة الصريحة والجريئة إنّما تتحقّق من خلال تحمّل المؤمنين الرساليين لمسؤولياتهم التاريخيّة في المجال الإنتخابي والإدلاء بأصواتهم وأصوات كلّ من يقدرون على إقناعه للمقاومة ومشروعها الإستنهاضي التحرّري الذي أثبت إلى الآن وسيثبت في المستقبل أيضاً أنّه المشروع الوحيد القادر على تحرير الأرض واستعادة القرار الحرّ المستقل وعلى إعطاء الأمّة وجوداً فاعلاً مميّزاً يجعلها تلعب دوراً مؤثّراً في تقرير رسياسة العالم.

إنّ على المؤمنين الرساليين أن يصفعوا أمريكا صفعةً قوية ليثبتوا لها أنّ المقاومة ليست مجرّد مجموعاتٍ إرهابية خارجة عن إطار شعبها وسيرة أمّتها، وإنّما المقاومة هي الطليعة من أبناء الأمّة الإسلاميّة المقاومة والمجاهدة، والأمّة كلّها تدعم المقاومة وتؤيّدها وتدافع عنها بكلّ وجودها وإمكاناتها وقدراتها وتحميها بالدماء والأرواح والغالي والنفيس لأنّها ترى في مقاومتها ومجاهديها شعلة الأمل وقبس النور وراية الهدى لإنقاذ الأمّة من براثن القوى الإستكبارية الظالمة.

فيا أيّها المؤمنون: إعلموا أنّكم إن أدليتم بأصواتكم للمقاومة الإسلامية ومشروعها الإستنهاضي كبرت بكم وكبرتم بها وسيكون لكم يوم القيامة الموقف المشرف والمشرق وسيجزيكم الله على ذلك خير الجزاء وخير الثواب، لأنّ الله مع الذين آمنوا ولن يتخلى عنهم في ساعة العسرة والحسرة وسينصرهم على كلّ الآخرين كما نصرهم إلى الآن لأنّهم وقفوا مع ربّهم المواقف الصادقة والمخلصة.

والحمد لله رب العالمين