الأحد, 24 11 2024

آخر تحديث: الجمعة, 01 آذار 2024 3pm

المقاطعة الإقتصادية للدول المعادية- سلاح النفط –

sample imgage

إنّ الطريقة الأكثر فعالية في قتال أعداء المسلمين ومواجهتهم هي الجهاد، كما سبق وقلنا فيما لو توافرت العدّة والعدد والإرادة، والمسلمون لا تنقصهم العدّة ولا العدد، ولكن تنقصهم الإرادة والعزيمة والقرار الحر المستقل لاتخاذ قرار الحرب، وهذا هو المفقود اليوم من أيدي الأنظمة العربية بأغلبيّتها الساحقة، وكذلك أنظمة الدول الإسلامية بغالبيّتها كذلك، وهذا يعني أنّ اتباع أسلوب الجهاد العسكري غير ممكن التحقّق، أقلّه في المدى المنظور ويحتاج إلى جهادٍ وعملٍ جادّين من جانب الشعوب العربية والإسلامية لتغيير مواقف هذه الأنظمة، وهذا ما قد يحتاج إلى المزيد من الوقت للوصول إلى ذلك.

إلاّ أنّ عدم توافر إمكانية الجهاد العسكري لا يلغي المواجهة ولا يؤدّي إلى سلب كلّ عناصر القوّة من الأمّة الإسلامية، لأنّ الجهاد هو أحد أنواع المواجهة بل أبرزها، لكنّه لا يلغي الأنواع الأخرى خصوصاً في هذا الزمن.

 

فعدوّنا الأساس هو "إسرائيل" الكيان الغاصب للقدس وفلسطين، والحامي له والمدافع عنه والمقوّي له والمموّل هو "الشيطان الأكبر" أمريكا التي تدّعي زوراً وبهتاناً زعامة العالم الديمقراطي المدافع عن حقوق الإنسان حيث تزعم ذلك كذباً ونفاقاً كما رأينا من خلال سكوتها عن كلّ الجرائم والمجازر الدمويّة البشعة التي ارتكبها العدو الصهيوني بحقّ شعبنا المنتفض في فلسطين المحتلّة، ممّا يدلّ على أنّ حقوق الإنسان عند أمريكا لا تشمل أبناء العديد من دول العالم الفقير الذي تعتبره أمريكا مجرد كمٍّ عددي لا قيمة له ولا وزن سوى أن يكون سوقاً إستهلاكية لتصريف منتجات مصانعها المدنيّة والعسكريّة على حدٍّ سواء.

فالمسلمون وفق امتداد عالمهم جغرافياً يسيطرون على أهمّ السلع التي تحتاجها الدول الغربيّة وعلى رأسها "أمريكا"، والسلعة الأكثر أهميّة هي "النفط" الذي يعتبر اليوم السلعة الأكثر حاجةً وفعالية لإدارة عجلة الإنتاج في العالم كلّه، وهذه السلعة متوافرة بكثرة وافرة في مجموعةٍ من الدول العربية والإسلامية، وكمية الإنتاج المصدّرة يومياً من دولنا هي التي تجعل الحركة الصناعية والإقتصادية والتّجارية والماليّة تسير بانتظامٍ لصالح الدول الكبرى وبالخصوص "أمريكا" المستفيد الأكبر من هذه السلعة.

واستعمال هذه السلعة كسلاحٍ يعطي القوّة والقدرة لمجموع الدول العربية والإسلامية في مواجهة أمريكا، ويؤدّي إلى إضعاف الحركة الإقتصادية والصناعية ممّا يؤثّر سلباً على قوّة إقتصاد تلك الدولة التي تسعى للهيمنة على العالم بقوّتها وجبروتها.

والدليل على قوّة سلاح النّفط هو أنّ هذه السلعة قد استعملها المسلمون كسلاحٍ رادعٍ للأمريكيين في حرب سنة "73" بين مصر وسوريا من جهة، وإسرائيل من جهةٍ أخرى، وأدّى استعماله إلى انكماشٍ في الإقتصاد العالمي، وأجبر الأمريكيين على التّخفيف من دفاعهم عن إسرائيل آنذاك، وكان لذلك السلاح دورٌ فعّال جداً حيث أدّى نسبياً إلى تحقيق نصرهم على إسرائيل آنذاك.

وتزداد قوّة سلاح النّفط اليوم أكثر، خصوصاً مع عدم وجود البدائل المتوافرة لهذه السلعة المهمّة لتحريك عجلة الإقتصاد العالمي، مع كثرة الأبحاث العلميّة التي قامت بها الدول المتقدّمة صناعياً لإيجاد البديل عن النّفط كإجراءٍ إحترازي فيما لو حصل إنقطاعٌ لهذه السلعة مرّةً ثانية، إلاّ أنّ كلّ ذلك الجهد المكثّف لم يصل إلى نتيجةٍ مرضية لإيجاد البديل، وبقي النّفط هو السلعة الرئيسة التي لا تستغني الدول عنها.

من هنا نجد أنّ وليّ أمر المسلمين آية الله العظمى الإمام الخامنئي "دام ظله" دعا مراراً وتكراراً لاستعمال هذه السلعة كسلاح، لكن للأسف لم تجد تلك الدعوى آذاناً صاغية، لأنّ قرار الدول المنتجة لهذه السلعة ليس بيد الأنظمة العربية والإسلامية المالكة للنفط، بل بيد أمريكا التي تضغط عليها حتى لا تأخذ مثل هذا القرار الذي في حال اتخذته الدول المنتجة لكان ذلك عاملاً مُساعداً وقويّاً في إيقاف الدّعم الأمريكي لإسرائيل، ورفع الظلم والجور عن شعبنا المقهور في فلسطين، والتّخفيف كثيراً من آلامه التي سببها له العدوان الأخير الذي شنه الكيان الغاصب فدمّر وقتل وجرح وأسر وشرّد الكثير من أبناء ذلك الشعب الثائر.

لكنّ النّفط ليس السلاح الوحيد غير الجهاد، وهناك أنواعٌ أخرى نتحدّث عنها في حلقةٍ قادمة إن شاء الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين