الإثنين, 25 11 2024

آخر تحديث: الجمعة, 01 آذار 2024 3pm

إحياء أمر أهل البيت

sample imgage

– مفهوم إحياء الأمر: لا يقتصر مفهوم إحياء الأمر على إقامة المراسم، ومجالس الفرح والحزن، أو بعض الأنشطة العامة، فلا بدّ لتحقّقه من الإعتقاد والإلتزام بمجموعة من المبادىء، تبدأ بمعرفة أهل البيت (عليهم السلام) والعقيدة الصحيحة بهم (عليهم السلام)، والإيمان الواعي بنهجهم ومبادئهم، وذلك لأنّ معرفة أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم والإيمان بهم، وأنّهم آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المطهرون، وولاة الأمر وخلفاؤه على العباد، وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من مَنَّ الله عليه بمعرفة أهل بيتي وولايتهم فقد جمع الله له الخير كله)[1].

 

وقال سلمان الفارسي: (دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً، فلمّا نظر إليّ قال: يا سلمان، إنّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبياً ولا رسولاً إلا جعل له اثني عشر نقيباً... قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، ما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: يا سلمان، من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم، فوالى وليَّهم وتبرّأ من عدوّهم فهو والله منّا، يرد حيث نرد، ويسكن حيث نسكن)[2].

وذمّت الأخبار من لا يعتقد بهم، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (من مات وليس له إمامٌ من ولدي مات ميتةً جاهلية، ويؤخذُ بما عمل في الجاهلية والإسلام)[3].

2 – إحياء الأمر في مدرسة عاشوراء:

لا يمكن أن يتحقق إحياء أمر قضية أبي عبد الله (عليه السلام) إلا بإحياء ثوابت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، وبثّ الروح الحسينية في الأمة على امتداد الزمان والمكان، فكلّ يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء، ومن هذه الثوابت:

* الشهادة سعادة وحياة: قال (عليه السلام): (لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً)[4].

* عدم الركون للظلم والظالمين: قال المؤرّخون: إنّ يزيد كتب فور موت أبيه إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان – وكان والياً على المدينة من قِبَل معاوية – أن يأخذ على الحسين (عليه السلام) بالبيعة له ولا يرخّص له في التأخّر عن ذلك.

فأجابه الإمام الحسين (عليه السلام) بصراحة قائلاً: (إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة)[5].

* العزة أولاً: قال (عليه السلام): (ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدود طابت وحجور طهرت وأنوف حميّة ونفوس أبيّة لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام...)[6].

* الإصلاح منهجنا: ولهذا فإنّ الإصلاح الذي أعلنه الإمام الحسين (عليه السلام) في سياق وصيته لأخيه محمد بن الحنفية يعني الثورة الدائمة على الفساد والإنحراف أينما كان، قال (عليه السلام): (.. وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين)[7].

3 – من آداب محرم الحرام:

* شهر محرم: سمي هذا الشهر محرّماً لأنّ أهل الجاهلية كانوا يحرّمون الحرب فيه أيام الجاهلية، لكن بني أمية لم يحفظوا لهذا الشهر حرمته فأراقوا دم سيد الشهداء وأهل بيته من بني هاشم، وأصحابه الخلّص، وإلى هذا أشار الإمام الرضا (عليه السلام) بقوله: (إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون القتال فيه، فاستحلّت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم يترك لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حرمة في أمرنا)[8].

* الإستعداد للدخول في شهر الحزن: يستعدّ الموالون والمحبّون في أقطار العالم لاستقبال هذا الشهر الحزين بمصيبة الحسين وزينب وبقية الأهل والأصحاب، لما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً..)[9].

وعاشوراء بالنسبة لأتباع أهل البيت يوم حدادٍ وحزن، وهو بالنسبة لأعداء أهل البيت يوم فرحٍ وسرور. وقد كان لأهل الشام ولأهل العراق في هذا المجال منهجان مختلفان، وصفهما السيد الرضي في أحد أشعاره بالقول: كانت مآتم بالعراق تعدُّها أموية بالشام من أعيادها. وورد عن الإمام الرضا (عليه السلام): (كان أبي (عليه السلام) إذا دخل شهر محرم لا يرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه)[10].

* تهيئة النفوس للبكاء على حفيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر). وعن الإمام الرضا (عليه السلام) لريان بن شبيب في حديث طويل: (يا ابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب فإنّه ذبح كما ذبح الكبش...)[11].

وقال الإمام الحسين (عليه السلام): (أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى)[12].

*الإحياء العاطفي وإقامة مجالس العزاء واللّطم:

عن الإمام الصادق (عليه السلام): (من أنشد في الحسين (عليه السلام) بيتاً من الشعر فبكى وأبكى عشرة فله ولهم الجنة)[13]. وعن الإمام أبي جعفر (عليه السلام): (... ثمّ ليندبِ الحسين ويبكِهِ، ويأمر من في داره ممّن لا يتقيه بالبكاء عليه...، وليُعَزِّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين (عليه السلام)، قلت: وكيف يُعزّي بعضنا بعضاً؟ قال: تقول: عظَّم الله أجورنا بمصابنا بالحسين (عليه السلام)، وجعلنا من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي (عليه السلام) من آل محمد)[14].



[1] (أمالي الصدوق: 283/9).

[2] (البحار: 53/142).

[3] (عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2/58/21).

[4] (بحار الأنوار، ج44).

[5] موسوعة كلمات الإمام الحسين، ص344..

[6] أعيان الشيعة: 1/603.

[7] مقتل الحسين للمقرم: 156..".

[8] (المناقب لابن شهر آشوب 86:4).

[9] (جامع أحاديث الشيعة 556:12).

[10] وسائل الشيعة، ج14، باب استحباب البكاء على قتل الحسين، ص 505.

[11] (بحار الأنوار 313:44).

[12] (بحار الأنوار: 279).

[13] وسائل الشيعة، ج14، باب استحباب إنشاد الشعر في رثاء الحسين ص 595.

[14] وسائل الشيعة، ج14 باب استحباب البكاء على قتل الحسين ص 509.