حرمة إتهام الناس بالظن
- المجموعة: مقالات فقهية
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2451
الأولى: حصول الظّن عند الإنسان بسبب وجود مبرّراته أو عدمها.
الثانية: مرحلة إظهار هذا الظّن والعمل على أساسه.
أمّا بالنسبة لحصول الظّن، فهذا الأمر يحصل عند الإنسان غالباً إذا ما توفّرت بعض الأسباب والمبرّرات لحصوله، وهذا الظّن الحاصل ليس محرّماً على الإنسان، بل هو داخل في حيّز المباحات، فيحقّ للإنسان إذا حصل معه أمرٌ ما أن يظنّ ما شاء من الظنون، طالما أنّها باقية في أعماق النفس، حتّى يتّخذ منها قاعدة للوصول إلى اليقين من خلالها بما كان يظنّ به أو للوصول إلى اليقين بما يخالف ما كان يظنّه.
أمّا بالنسبة لإظهار هذا الظن الحاصل في النفس وترتيب الآثار عليه قبل تحوّله إلى يقين فهو محرّم من الناحية الشرعية، لأنّ الظنّ لا يشكّل دليلاً شرعياً يصحّ التمسّك به ضدّ الناس، ويعاقب الإنسان على اتّهام الآخرين لمجرّد الظنّ بهم.
والآية التي ذكرناها في أوّل هذا الكلام ناظرة إلى هذا المعنى من الظنّ وتحكم عليه بأنّه إثم، والإثم هو موردٌ للعقاب عند الله سبحانه وتعالى، نظراً لما لهذا العمل بالظن ضدّ الناس من المفاسد الأخلاقية والإجتماعية والتربويّة الّتي يبتعد عنها المؤمنون الملتزمون الذين يتّخذون الإسلام عقيدة ويعملون على طبق أحكامه وقوانينه.
وقد ورد عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث الرفع المشهور: (رُفع عن أمتي تسع، ما لا يعملون..... والظن والطيرة والوسوسة في الخلق ما لم ينبت تبغة)، حيث يوضح هذا الحديث الآية بشكلٍ ظاهر، وهو أنّ مجرّد حصول الظن لا يوجب العقاب، وإنّما الموجب له هو أن يظهر الإنسان ذلك الظنّ الحاصل عنده بصيغة الإتّهام للآخرين وتشويه سمعتهم بين الناس كالمثل الذي مثّلنا به في مقدمة الكلام.
من هنا نؤكّد على الإخوة المؤمنين العاملين والملتزمين أن لا يتّهموا الناس لمجرّد حصول الظن لما في هذا العمل من حرمة شرعية ومن إدخال الفساد والفتنة بين المؤمنين أو بين المؤمنين وغيرهم من سائر الناس الآخرين.
والحمد لله ربّ العالمين