إلى فضيلة الشيخ علي سماحة وفقه المولى
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1977
من الواضح أنّ الإيمان بالله وكتبه وأنبيائه وملائكته لا يقتصر على المسألة القلبية الإعتقادية ، بل هو سلسلة ذات حلقات متشابكة ومتواصلة مع بعضها البعض ، فنبتدأ من داخل النفس البشرية حيث العقل والقلب وصولاً إلى عمل الجوارح في واقع الحياة ، ولذا يقول الإمام الصادق (عليه السلام): ( الإيمان عمل كلّه ، والقول بعض ذلك العمل ...) . ومن الطبيعي أنّ العامل وفق إيمانه محتاجٌ إلى ما يجعل عمله صحيحاً ومطابقاً للإيمان حتى لا ينحرف أو يخطئ من حيث يريد أن يصيب ، من هنا كانت الحاجة ضرورية إلى العلم الذي يعين المسلم الملتزم على التطبيق الواعي والسليم الموافق للأغراض الإلهية المقدّسة التي جعلها الله غاية لخلق الإنسان وجعله خليفة في
الأرض ، وذلك العلم هو المصطلح على تسميته في الإسلام بـ (( علم الفقه )) الذي يتكفّل بتزويد الإنسان المسلم بالأحكام التي يحتاجها في كلّ مجالات الحياة العبادية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية والتربوية ، لأنّ الإسلام هو دين الحياة الشاملة المحتوية على كلّ تلك العناوين وبما يتفرّع عنها من تفاصيل كثيرة جداً يحتاج المؤمن في كلّ تفصيلٍ منها إلى معرفة الحكم الشرعي الذي يحدّد له سلوكه وموقفه منه . وعلم الفقه يتوقف على الإجتهاد الذي هو عبارة عن معرفة الأصول والقواعد الموجودة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة للإستعانة بها على إصدار الأحكام وإعطائها للمسلمين حتّى يلتزموها في حياتهم ويطبّقوها في كلّ موردٍ يحتاجون فيه إلى الحكم . فالفقه إذن هو العلم الذي يحوّل الإسلام إلى أحكام شرعية تفصيلية تبقي المسلم في دائرة الطاعة لله والإلتزام بنهجه وتحول بينه وبين الإنحراف إلى ما لا يرضاه الله من المؤمن الملتزم . لذا فإنّ كلّ مسلمٍ مؤمن ملتزم مطلوب منه أن يتعلّم وعلى الأقل الأحكام الفقهية الشرعية المتعلّقة بالأمور التي تهمّه وهي موارد ابتلائه ، ومن أهمّها أحكام عباداته كالصلاة والصوم ، وتليها في الأهمية الأحكام المرتبطة بنشاطاته التي يمارسها في الحياة ، فربّ الأسرة مطلوبٌ منه معرفة الأحكام المرتبطة بحالته ، والزوجة لها أحكام تنظّم لها عملها ، والأولاد كذلك ، وهكذا الأحكام لمن يعمل في التجارة مثلاً ، أو أحكام من يعمل عاملاً أو موظفاً أو غير ذلك . لهذا كلّه يمكن أن نعتبر أنّ علم الفقه هو صمّام أمان وحزام نجاة للمسلم المكلّف ، فعبر التزامه يضمن المؤمن براءة ذمته ، ومع عدم التزامه لن يحصد الإنسان سوى الخيبة والخسران والندامة . والحمد لله ربّ العالمين.