الصفحة الرئيسية
هادم اللذّات
- 16 كانون2/يناير 2014
- الزيارات: 2141
والتذكّر بهادم اللذات لا يراد لنفسه فقط، بل لما وراءه من أمورٍ وقضايا كبيرة تجري على مستوى عالم الآخرة، لأنّه ورد في الحديث: (أنّ الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا).
والإنتباه الحاصل هنا هو عبارة عن وعي الإنسان للعالم الحقيقي "عالم الآخرة" الذي كان غافلاً عنه في الدنيا، والموت هو الخطوة الأولى فيه، وقد جاء في الحديث :(أنّ ما بعد الموت أشدّ على الإنسان من الموت).
فبالموت تبدأ رحلة الإنسان في عالم الآخرة، فمن مشاهد عذاب القبر، إلى الوقوف يوم القيامة في المحشر العظيم للناس فكلّ يبحث عن سجلاته وصحائف أعماله التي يأمل بأن تنجيه من عذاب النار وبئس القرار، لأنّه يكون قد عاش مرحلة "البرزخ" ـ المرحلة الفاصلة ما بين الموت ويوم القيامة ـ ورأى فيها نموذجاً عن مصيره النهائي ـ نموذج من العذاب إن كان من الغافلين الساهين لأنّه من أهل النار، أو نموذج من الثواب إن كان من الذاكرين المسبحين لأنّه من أهل الجنة.
وتذكّر الموت "هادم اللذات" له فوائده الكبيرة على مستوى الحياة الدنيا أيضاً، لأنّ الإنسان عندما يتذكره ويعلم أنّه سيصل إليه حتماً في يومٍ من الأيام، فإنّ ذلك سيدفع بالمؤمن إلى عدم الغفلة عن نفسه وعدم إهمال واجباته الدينية من صلاة وصيام وغير ذلك، وإلى الإبتعاد في الوقت نفسه عن المحرّمات التي توعّد الله الفاعلين بالعقاب والعذاب.
فتذكّر الموت هو وسيلة من وسائل تربية النفس وتهذيبها، ومحاولة إبعادها عن كلّ ما يمكن أن يسبّب لها الأذى والضرر في عالم الآخرة، لأنّ وصول الإنسان إلى مرحلة الموت من دون تذكّره والإعتبار به والإتّعاظ منه، سيجعل موقف الإنسان صعبا ًوصعباً جداً بعد الموت، لأنّه لا يملك السلاح الفعّال الذي ينجيه من كلّ عذابات يوم القيامة وأهواله التي إذا أردنا أن نتحدّث عن تفاصيلها لاحتجنا إلى أكثر من هذا المختصر.
وبالجملة فالموت هو هادم اللذات لأنّه يقطع العلاقة كلياً بين الإنسان وزوجته، وبين الإنسان وماله أو منصبه أو ممتلكاته أو شهواته أو أيّ شيء كان يرتبط بالإنسان في عالم الدنيا، وكان يتنعّم به أو يستفيد منه.
فمن هذا كلّه ينبغي للمؤمن الملتزم أن يبقى متيقظاً منتبهاً إلى هادم اللذات وأن لا يغفل أو يسهو عنه لأنّ ذلك له ثمن كبير لن يستطيع الإنسان الغافل والساهي أن يدفعه يوم القيامة أبداً وسيكون مصيره الحتمي في النار وبئس القرار.
ولهذا نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا دائماً من الذاكرين للموت والمنتبهين له حتّى نتزوّد لذلك اليوم الآتي لا محالة من الأعمال الصالحات التي بها وحدها ينجو الإنسان في الآخرة وينال شفاعة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين، ويكون من المؤهلين لدخول الجنة والتنعّم بما فيها ممّا أعدّه الله للمتّقين من عباده.
والحمد لله ربّ العالمين