الصفحة الرئيسية
طاعة أولي الأمر في الإسلام 9
- 16 كانون2/يناير 2014
- الزيارات: 2302
كيف تعامل الإمام الحسين (عليه السلام) مع خلافة يزيد؟ هذا ما سنعمل على الإجابة عنه في هذه المقالة.
وتمهيداً للجواب لا بدّ من بيان الإنحرافات الخطيرة التي حصلت عبر إتمام البيعة بالخلافة ليزيد بن معاوية وهي التالية:
أولاً: تحويل الخلافة من منصبٍ ديني إلهي إلى منصبٍ دنيوي رخيص.
ثانياً: استغلال طاقات وموارد الأمة الإسلامية لتقوية مركز الخليفة الدنيوي بدلاً من أن تُسْتغَل لصالح أبناء الأمة وتحسين وضعها الإجتماعي وتحصين موقعها العقائدي وربطها بالله عزّ وجلّ.
ثالثاً: جعل الخلافة أمراً وراثياً بحتاً لا علاقة للمواصفات الشرعية لمنصب الخليفة في استحقاق المؤهّلين له، بل العبرة بالنسب الواصل ما بين الخليفة ووارثه.
رابعاً: إسقاط هيبة موقعية القيادة عبر جعله محلّ طمع الكثيرين ممّن يرون في أنفسهم القدرة للوصول إلى ذلك الموقع المطموع فيه نظراً لما يوفّر لصاحبه من طاقات وإمكانات وعز وجاه دنيويين ولو على حساب الأهداف والمبادىء والقيم الإلهية.
خامساً: تأسيس الفتن والحروب والمؤامرات والإقتتال الداخلي بين الفئات والمجموعات المتنوعة في الأمة، عندما تجد كلّ فئة أو مجموعة أنّها قادرة على الوصول إلى امتلاك ذلك المنصب، مع ما يترتّب على هذا الأسلوب السلبي المنحرف من سفكٍ للدماء وتضييع للحقوق وانتهاك للحرمات والمحرّمات الشرعية المقدّسة في الإسلام.
سادساً: إهمال التوجّهات الدينية للمجتمع الإسلامي وعدم إعطاء الأولوية لهذا الجانب الأساس في بنية الأمة ممّا يمهّد بالتالي للفراغ الروحي والعقائدي الذي ينتج عنه الكثير من المفاسد على مستوى الفكر والعقيدة والسلوك الإجتماعي العام.
سابعاً: تعريض الأمة لأخطار الدمار أو الإستسلام للقوى المعادية عندما يرى الحاكم غير الملتزم بضوابط الإسلام أنّ موقعه في خطر الزوال والسقوط، مع ما يرتّبه ذلك من تسليط لقوى الكفر والبغي على الأمة الإسلامية، ومن المعلوم حجم الأضرار التي يمكن أن تتحقق بمثل هذا التسلّط الذي يُمْسِكُ بحاضر الأمة ومستقبلها.
ثامناً: زرع بذور الخلاف والشقاق بين مجموعات الأمة عبر تقريب مجموعة وإبعاد أخرى وفق المصالح والرغبات وشبكة العلاقات الإجتماعية والسياسية داخل المجتمع الإسلامي، وهذا ما يترتّب عليه إمكان حصول نزاعات وصراعات جانبية تغرق فيها الأمة وتنصرف عن النظر إلى مساوىء الحاكم وانحرافاته وأساليبه الملتوية في الإدارة والحكم، وهذا كلّه يجعل من مثل هذا الحاكم قوياً في مواجهة أيّ تهديد يمكن أن يتوجّه إلى حاكميته وسلطته.
تاسعاً: ضرب كلّ شخص أو مجموعة تملك من الإدراك والوعي الشيء الكثير ممّا يمكِّنها بالتالي لو تُرِكَ لها المجال أن تنيرَ عقول أبناء الأمة حول المخاطر المحدقة بها في ظلّ وجود مثل ذلك الحاكم المنحرف، ولذا فإنّ ضرب مثل هذا الشخص أو الفئة المستنيرة هو هدف دائم لكلّ سلطانٍ يستقوي على منصب الحق ويصل إليه بطرقٍ وأساليب منحرفة ومحرّمة إسلامياً.
عاشراً: استغلال بعض المظاهر والشعارات والمشاريع التي توحي للعموم من أبناء المجتمع بأنّ الحاكم ليس خارجاً عن دائرة الضوابط والموازين الشرعية، وهو بهذا الأسلوب يمارس نوعاً من التخفّي الذكي والتلطّي خلف بعض المظاهر المحبّبة إلى قلوب الناس ليوهمهم بأنّه في الطريق الصحيح وأنّه ليس ببعيد عنهم في فكره وتوجّهاته وأسلوب عمله.
هذه هي أهم الإنحرافات التي يمكن أن تحصل وقد حصلت فعلاً في مسيرة الأمة الإسلامية الطويلة عبر القرون، ولا زلنا نعاني من آثارها حتى يومنا هذا.
وفي المقالة القادمة سنستعرض النصوص المتضمّنة للعديد من هذه الإنحرافات التي كانت بمجموعها السبب التام لنهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وقيامه ضدّ يزيد.
والحمد لله ربّ العالمين .