الصفحة الرئيسية
الإجهاض
- 16 كانون2/يناير 2014
- الزيارات: 1825
تعتبر قضية الإجهاض في العالم المعاصر من القضايا الحسّاسة والخطيرة والتي أثارت وما تزال جدلاً قانونياً وأخلاقياً واسعاً في العديد من دول العالم، خاصة في الدول الغربية عموماً والعديد من دول العالم الثالث، ويتمحور الجدل في هذه القضية بين أمرين أساسيين يعطي كلٌّ منهما نتيجة مغايرة للآخر: الأمر الأول: الحرية الشخصية التي تنادي بها الديمقراطية كونها قائمة ومستندة إلى تلك الحرية وترى أنّ الفرد له الحقّ في أن يتصرّف بنفسه كما يشاء من دون رقيبٍ أو حسيب طالما أنّه لا يتعدّى حقوق الأفراد الآخرين، فمن هذه الجهة للمرأة كامل الحق في أن تمارس الإجهاض كونه يدخل في نطاق حريّتها الشخصية غير المضرّة بالمجتمع كما يدّعون. الأمر الثاني: "المسألة الأخلاقية" التي ينادي بها البعض ممّن يؤمنون بالديمقراطية أو غيرها، لكنّهم يرون الإجهاض أمراً مخالفاً للإنسانية وللأخلاق وفيه حرمان حقّ الحياة للمولود وينبغي أن يرى نور هذا العالم، والمسألة عند هؤلاء تخرج عن إطار الحرية الشخصية لتدخل في إطار الحقّ الإنساني ويرون الإجهاض جريمة كالقتل أو التجارة بالمخدرات التي يعاقب عليها القانون. ولن نتحدّث في هذا المقام عن الأسباب التي أدّت إلى
شيوع هذه الظاهرة في العالم اليوم، وإن كان الكلام عنها لا يخلو من الفوائد، ولكنّنا سنقتصر في الكلام حول رأي الإسلام في هذه القضية التي يذهب ضحيّتها سنوياً الملايين من الأحبّة الذين تحرمهم هذه العملية حقّهم في الحياة. والنقطة الأساسية في الكلام عن الإجهاض هي المتوقّفة عند الإجابة على السؤال التالي: (في أيّ وقتٍ ينشأ الحق الإنساني للفرد في الحياة)؟ وهل هذا الحق يبدأ منذ الولادة أو عند انعقاد النطفة البشرية الناتجة عن عملية التلقيح في رحم المرأة؟ فإن كان الجواب هو أنّ الحق يبدأ منذ الولادة، فهذا يعني أنّ الجنين قبل ولادته لا حقّ له في الحياة، وللمرأة أن تتصرّف بالحمل كما تشاء إجهاضاً أو إبقاءً، طالما أنّ الحقّ في الحياة لم يثبت بعد، وإن كان الحقّ الإنساني يبدأ منذ انعقاد النطفة، فهذا يعني أنّ حقّ الحياة أصبح ثابتاً ولا يعود للمرأة حرية التصرّف في ذلك الجنين كما تشاء، بل تصبح ملزمة بالحفاظ عليه وعدم القيام بالأعمال التي يمكن أن تؤدّي إلى التخلّص منه. أمّا الإسلام فهو يهدف إلى تربية الإنسان التربية التي تؤهّله ليكون عنصراً فاعلاً في الحياة الدنيا، لينتقل بعدها إلى الحياة الآخرة حيث النعيم الدائم حسب التخطيط الإلهي للمسيرة الإنسانية، وهو من هذه الجهة يعتبر أنّ حقّ الإنسان في الحياة يبدأ منذ انعقاد النطفة في الرحم، ومن تلك اللحظة يصبح حقّ الحياة ثابتاً ويخرج الأمر عن دائرة حقّ الفرد كشخصٍ ليدخل في دائرة الحقّ الإلهي الذي هو واهب الحياة، ولا يحقّ لأحدٍ كائناً من كان أن يسلب هذا الحق ولو من الجنين في حال كونه نطفة لم يتحوّل بعدُ إلى جسد ولم تدخله روح، وقد قال تعالى في كتابه :{هو الذي خلقكم من ترابٍ ثمّ من نطفةٍ، ثمّ من علقةٍ، ثمّ يخرجكم طفلاً، ثمّ لتبلغوا أشدّكم ثمّ لتكونوا شيوخاً، ومنكم من يتوفّى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلّكم تعقلون}. ففي هذه الآية يبيّن الله الأطوار والمراحل التي يمرّ بها الإنسان منذ ابتداء تكوينه من النطفة وانتهاءً بخروجه من هذه الحياة الدنيا. ولهذا أفتى علماء المذاهب الإسلامية كافّة بحرمة