الصفحة الرئيسية
من أكبر موارد الدخل من ضريبة الخمس في الإسلام هو ما يتأتى من عنوان ما يفضل عنه مؤنة الإنسان السنوية، وهذا العنوان بحاجة إلى نوع من التحليل الموضوعي من المنظور الإسلامي لكي يكون الأمر واضحاً بشكل جلي للمكلفين ودافعي الخمس.
- 15 شباط/فبراير 2014
- الزيارات: 3034
الأول: أن يكون عاملاً أو موظفاً لدى الآخرين كما في موظفي الدولة حيث تكون الوظيفة جائزة شرعاً، أو كما في موظفي الشركات الخاصة، أو كالعمال في المصانع، وبمعنى آخر كل من يعمل لدى الغير ويقبض راتباً بشكل دوري.
الثاني: أن يكون لديه رأس مال يستعمله في أي نوع من أنواع التجارة أو الصناعة أو الزراعة أو غير ذلك، بحيث يعود عليه رأس المال بأرباح قليلة كانت أو كثيرة.
وبعد أن يكسب الإنسان المال من أحد هذين الطريقين فهو يستعمل إما راتبه إن كان موظفاً أو أرباحه إن كان صاحب رأس مال، في أمور معاشه كالطعام والشراب واللباس والطبابة ومصاريف أخرى كأجور وتعليم أبنائه، وكل ما يحتاجه الإنسان لكي يعيش ويستمر.
وهذه المصاريف كلها هي التي يُطلق عليها شرعاً إسم "المؤنة"، وما يجب أن يخمّسه الإنسان هو الزائد عن مصاريفه السنوية وهو ما يُطلق عليه شرعاً إسم "الفاضل عن مؤنة السنة".
فلو فرضنا أن الإنسان كان موظفاً وكان يقبض شهرياً راتباً مقداره "مليون ليرة لبنانية"، وكان صرفه كله في حاجياته المعيشية، فهنا عندما تمر سنة كاملة من حين قبض أول راتب له لن يبقى معه شيء كي يخمّسه، فهنا لا يكون لديه فائض وعليه يكون خمسه "صفرً" أي لا خمس عليه لأن ما يقضبه يساوي احتياجاته ولا فاضل لديه، وهذا يعني ان مثل هذا الموظف قد صرف خلال السنة كلها "اثنى عشر مليون ليرة" ولم يجب عليه دفع شيء من الخمس.
أما لو فرضنا أن راتبه كان مليون ليرة، وكان يصرف منه شهرياً ثمانماية ألأف ليرة، حيث يوفر كل شهر مائتي ألف ليرة، فبعد مرور السنة من قبض أول راتب سيكون لديه فاضل مقداره( مليونا وأربعماية الف ليرة) وهذا المبلغ هو الذي يجب تخميسه فقط، وخمس هذا المبلغ هو (أربعماية وثمانون ألفاً)، وإذا قسنا نسبة هذا الخمس المدفوع إلى مجموع ما ربحه الإنسان نجد أنه لا يتجاوز نسبة ألـ( أربعة وربع) من مجموع ما كسبه خلال السنة، و هذا هو ما يجب أن ننظر إليه.
نعم لو فرضنا أن الخمس يجب أن يخرجه المسلم من مجموع الإنتاج لكان في ذلك عسر وحرج، ولوقع في الشدة والضيق وعدم القدرة على تأمين احتياجاته المعيشية، لكن الإسلام لم يتعامل مع أتباعه بهذه الطريقة لأنه يريد اليسر للناس ولا يريد بهم العسر، ومن هنا كانت ضريبة الخمس على ما يبقى مع المسلم بعد أن يكون قد صرف من كسبه كل ما يحتاجه إليه من أمور المعاش طوال سنة كاملة.
من هنا نرى أن ضريبة الخمس لا يمكن أن تصل أبداً إلى نسبة العشرين بالمئة لأن كل إنسان يكسب مالاً لا بد من أن يصرفه أو يصرف قسماً منه على أمور معاشه، هذا بلحاظ ما يفضل بعد الصرف، نعم لو فرضنا – لكنه فرض بعيد أن الإنسان يوفر كل ما يكسبه ويعيش على حساب غيره طوال السنة، ففي هذه الحالة يجب عليه تخميس كل ما كسبه، لكن هذا الاحتمال قليل الحصول ونادر جداً.
وتبقى نقطة أخرى مهمة ويجب لفت النظر إليها وهي أن هناك فرقاً من الناحية الشرعية في الخمس بين من يقبض راتباً ليعيش، وبين من يملك رأس مال يحصل من خلاله على ربح يصرف منه وهذا الفارق هو التالي:
أن الموظف أو العامل يصرف جهده وتعبه أو علمه وخبرته لتحصيل راتبه الذي يكسبه ويعيش من خلاله، وإذا بقي منه شيء إلى نهاية سنته الخمسية يجب عليه كما قلنا تخميس الباقي، فلو فرضنا ان الباقي بعد التخميس بلغ ( مليون ليرة) فهذا المبلغ لو بقي بعينه إلى سنة أخرى لا يجب تخميسه مرة ثانية لأن المخمس لا يخمس لكنه بشرط ان يبقى هو ذاته أما لو فرضنا ان هذا المليون قد صرفه الإنسان في أمور معاشه المحتاج إليها، ثم جاء رأس سنته الثانية وكان قد وجد مليون ليرة، فهذا المبلغ يجب تخميسه لأنه ربح جديد جاء من السنة الثانية وليس هو نفس المليون الذي بقي من السنة الماضية، وهذا الأمر يستشبه فيه الكثير من الأخوة والأخوات الذين يلتزمون بدفع الخمس.
وأما من يملك رأس مال يستعمله لتحصيل الربح، فهذا الشخص يكون قد استعمل ماله وعرّضه لخطر الخسارة أو ما شابه ذلك، ومع ذلك يتعب ويجهد نفسه في العمل لتحصيل الأرباح ليعيش منها، ومثل هذا الشخص لو فرضنا انه استعمل رأس مال قدره عشرة ملايين ليرة ثم في آخر سنته المالية وجد أن المبلغ الموجود عنده من مال وبضاعة كان بمقدار خمسة عشر مليون ليرة، فهنا يجب عليه تخميس الخمسة ملايين الزائدة فقط لأنها ربحه الصافي.
وبعبارة أخرى فصاحب رأس المال له شرعاً استفاء رأس ماله المخمّس المستعمل في التجارة ويخمس الزائد عنه فقط إن كان هناك زيادة، ولا يجب عليه تخميس رأس المال أيضاً ولو تبدل خلال السنة من مال إلى بضاعة ثم إلى مال جديد وهكذا.
والفارق بين الموظف والتاجر إذن هو أن الموظف يضع عمله وخبرته ثم يتقاضى بدلاً مالياً، بينما صاحب رأس المال يضع ماله وعمله وخبرته، ثم يحول المال إلى بضاعة أو الآت وما شابه من اجل تحصيل الأرباح، لأنه لا يمكن للتاجر أن يحصل على الأرباح مع بقاء المال مالاً ومن دون تحويله إلى أشياء قابلة للبيع مع ربح يعيش منه ثم يخمّس الزائد من الأرباح عن رأس المال.
ولإلقاء الضوء أكثر على هذين الأمرين لا بأس بذكر بعض الإستفتاءات الموجّهة إلى سماحة ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي دام ظله مع أجوبتها.
س883: هل يجب الخمس على الموظفين الذين قد يزيد عندهم شيء من المال عن مؤنة سنتهم؟ مع العلم أن عليهم ديوناً نقداً أو اقساطاً؟
الجواب: إذا كان الدين حاصلاً من الإقتراض في خلال السنة لمؤنة نفس تلك السنة، أو من شراء بعض حاجيات السنة نسيئة فإنه يستثنى من الأرباح المتبقية، وإلا فالأرباح المتبقية يجب فيها الخمس.
س 929: لو أن إنساناً لا يمتلك بيتاً للسكن، ومن أجل تأمين وشراء المسكن قام بادخار مبلغ من المال، فهل يتعلق الخمس بذلك المبلغ؟
المال المدخّر من أرباح السنة، وإن كان لأجل تأمين مؤنة العيش في المستقبل لو مرت عليه السنة الخمسية وجب تخميسه.
س939: المبالغ التي ينفقها الإنسان في الأمور الخيرية كمساعدة المدارس ومنكوبي السيول والشعب الفلسطيني هل تُحسب من مصاريف السنة أم لا؟ يعني هل يجب علينا أداء خمسها أولاً ومن ثم نتبرع بها، أو أنها لا تخمّس؟
الجواب: تُحسب هذه الإنفاقات الخيرية من مؤنة السنة في الإنفاق ولا خمس فيها.
س973: هل يتعلق الخمس بأصل رأس المال وأرباحه أم لا؟
الجواب: إذا كان رأس المال مما حصل عليه الشخص بالتكسب( أعم من الرواتب وغيرها فيه الخمس، وأما الربح الحاصل من الاتجار به فيجب الخمس في الزائد منه عن مؤنة السنة.
س990: شخص لم يكن لديه حساب سنوي لدفع الخمس، والآن يريد أن يفعل ذلك، وهو منذ زواجه إلى الآن كان وما يزال مديناً، فكيف يقوم بحساب خمسه؟
الجواب: إذا لم يكن عنده فيما مضى والى الآن ربح زائد عن مؤنة معيشته فليس عليه شيء بالنسبة لما مضى.
س993: هل يتعلق الخمس بالآلات التي تُستعمل في التكسب؟
الجواب: حكم وسائل وآلات التكسب هو حكم رأس المال في وجوب تخمسها
س1001: يوجد مال أو بضاعة مخمسة قمت بصرفها، فهل يجوز في نهاية السنة المالية استثناء شيء من ربح السنة عوضاًُ عن المقدار المخمس المصروف؟
الجواب: لا يستثنى شيء من أرباح السنة عوضاً عن المال المخمس المصروف
س 1017: كيف يتم تعيين بداية السنة لأجل دفع الخمس؟
الجواب: تبدأ السنة الخمسية لأمثال العمال والموظفين من تاريخ الحصول على أول ربح من أرباح العمل والوظيفة، وأما أصحاب المحلات فتبدأ سنتهم من تاريخ شروعهم بالبيع والشراء.
س1021: هل السنة الخمسية يجب أن تعتبر وتُحسب شمسية أو قمرية هجرية؟
الجواب: المكلّف مخيّر في ذلك.
والحمد لله رب العالمين