الصفحة الرئيسية
النهوض الإسلامي عند الإمام "قده"
- 15 شباط/فبراير 2014
- الزيارات: 2032
ومن هنا نلمس في كلام الإمام "قده" الألم والمرارة والغصّة لهذا الواقع البائس الذي تعيشه الأمّة، ويطلق صرخة من القلب الكبير الحامل لهموم الأمّة ومشاكلها ويقول: (ماذا حدث للمسلمين؟ ماذا حدث لزعماء المسلمين؟ بذلوا كراماتهم وماء وجوههم أمام أمريكا، ماذا حدث لهم حتّى يقدّموا خزائن الإسلام الكبرى التي هي ملك الشعوب الحفاة لأمريكا؟ وفي مقابل هذا التقديم نجد أميركا تدافع عن إسرائيل وتقول بأنّها لن تتخلّى عن إسرائيل).
ويرى الإمام "قده" بأنّ كلّ هذه الحرب التي تُشَنُّ على الأمّة إنّما هي بسبب ارتباطها بالإسلام ويقول: (لقد دققت ناقوس الخطر مراراً، الخطر الذي يتعرّض له الدين المقدّس...)، ومن أقوى كلمات الإمام "قده" في مجال الدعوة إلى نهضة إسلامية شاملة قوله: (أيبيعوننا ونبقى ساكتين؟ أيبيعون قرآننا ونسكت؟ أيبيعون استقلالنا ونسكت؟ والله إنّ الذي لا يصرخ بصوتٍ عالٍ لجانٍ، والله إنّه لمرتكب كبيرة، يا رؤساء المسلمين أغيثوا الإسلام، يا علماء النجف ويا علماء قم، أغيثوا الإسلام، ذهب الإسلام).
إنّ كلّ هذا الجو الذي أوجده الإمام "قده" قد استطاع أن يبدأ بتحقيق آثاره في حياة الأمّة الإسلامية بعد انتصار الثورة الإسلامية التي فتحت الباب لإسماع ذلك الصوت الإلهي الصادق والمخلص إلى كلّ أبناء الأمّة وشعوبها، وبدأت مرحلة جديدة قوامها التصدّي لكلّ هذا الجوّ القاتم، وشيئاً فشيئاً بدا هذا العالم الإسلامي الذي كان هامداً لا حراك فيه جسماً نشيطاً حياً متحرّكاً قادراً على تغيير المعادلة وتبديل الصورة القائمة بصورةٍ مشرقة مشرفة على مستقبلٍ كلّه أمل بالخلاص من سيطرة الإستكبار، والإمام "قده" يواكب هذا النهوض ويدفع به قدُماً إلى الأمام، فتارةً يوجّه خطابه إلى الشعب المسلم في فلسطين وتارةً إلى الشعب الثائر في أفغانستان بوجه الإحتلال السوفيتي، وثالثةً يركّز خطابه على الحالة الإسلامية في لبنان ويعتبر كما قال "قده" :(بأنّ جهاد حزب الله لبنان هو حجّة على العلماء والأمّة)، فيدفع من خلال تلك الكلمات النورانية كلّ الثائرين المنتفضين إلى مزيدٍ من القوّة والجهاد، ويحمِّلهم مسؤولية أكبر تجاه قضايا شعبهم وأمّتهم، ويندفع هؤلاء الذين يسمعون كلام إمامهم إلى تجسيد ذلك الكلام واقعاً حيّاً بجهادهم وعرقهم واستشهادهم في سبيل إعلاء كلمة الإسلام والأمّة.
وممّا لا شكّ فيه أنّ النهوض الإسلامي العام الذي تعيشه الأمّة اليوم هو ثمرة من ثمرات عمر الإمام الخميني "قده" وجهاده الطويل وهو الذي فتح الباب لهذه الأمّة التي تبدأ مسيرة التحرير بالجهاد والشهادة.
فمن الذي كان يحلم بأن يكون في لبنان حركة إسلامية بهذه القوّة التي أصبحت شوكة في عيون أمريكا وإسرائيل؟ من كان يتصوّر أن تصبح المقاومة الإسلامية رقماً صعباً في المعادلات الدولية على مستوى أزمة المنطقة؟ ومن كان يعتقد أنّ الساحة اللبنانية التي كانت مركزاً سياحياً مهمّاً لكلّ العرب والأجانب أن تصبح بالمقاومة وبالمجاهدين قدوة ونموذجاً رائعاً يحتذيه كلّ الثائرين والأحرار في العالم، وأن يصبح شباب حزب الله في لبنان مورداً لمدح الإمام الخميني العظيم؟
إنّ كلّ هذا التقدّم الذي أحرزته الحركات الإسلامية عموماً، وخصوصاً في فلسطين ولبنان هو من رشحات ذلك القائد الإلهي الملهم الذي استطاع أن يفكّ الأمّة من كلّ قيود الأسر والإذلال، وينطلق بها إلى مواقع العزّة والكرامة ليُدخلوا الرعب والهلع والخوف إلى قلوب المستكبرين وعلى رأسهم أمريكا، وليجعلوا الكيان الغاصب يعيش القلق الدائم على احتلاله لأرضنا المقدّسة في فلسطين الحبيبة والقدس الشريف.
إنّ شمولية النهضة الإسلامية اليوم هي التجسيد الحي لمفاهيم القرآن والإسلام التي حرّرها الإمام "قده" من الأوهام التي اصطنعها المستكبرون وجعلوها حقيقة في أفكارنا وقلوبنا، ولا شكّ أنّ هذه النهضة ستستمرّ إلى أن تحقّق أهدافها ولن تستطيع القوى المستكبرة بكلّ مؤتمراتها ومؤامراتها أن توقف هذا المدّ المتعاظم وستتحقّق نبوءة الإمام "قده" بأنّ هذا القرن "الخامس عشر الهجري" هو قرن انتصار المستضعفين على المستكبرين.
والحمد لله ربّ العالمين