الصفحة الرئيسية
المقاومة الإسلامية – إرادةٌ وانتصار-
- 15 شباط/فبراير 2014
- الزيارات: 2520
فقد دخلت المقاومة إلى كلّ القلوب والنّفوس المتعطّشة لقتال العدو الصهيوني واستوطنت في ضمائر الأحرار من أبناء الأمّة الإسلاميّة، وصارت الرمز الأكبر لهم في التّضحية والفداء والجهاد في سبل الدفاع عن الأرض والمقدسات والأمّة من خلال دماء الشهداء وعرق المجاهدين في مسيرة ٍمتواصلة منذ ذلك الإجتياح إلى الآن، وستبقى طالما بقي هناك إحتلالٌ جاثم فوق ذرّةٍ واحدة من أرضنا الطيّبة المعطاء.
وهذه المقاومة الباسلة ليست منفصلة عن جذورها العقائديّة الإسلاميّة، بل يمكن القول بأنّها الترجمة العمليّة، والتطبيق الواعي والدقيق لمفهوم الإسلام في مسألة السّلم والحرب، هذا المفهوم الذي ينظّم مفردات الجهاد ضمن مسارٍ هادفٍ واضح المعالم والأبعاد إنطلاقاً من حالة الصّراع المفروضة على الأمّة الإسلاميّة.
لأنّ الإسلام كدينٍ لا يقرّ العدوان أو التهجّم على الآخرين من دون وجه حق، كما أنّه لا يقرّ إعتداءات الآخرين على الأمّة في أيّ موقعٍ من مواقعها، وقد قال تعالى في كتابه: {ولا تعتدوا...}، وقال أيضاً: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}.
ومن هذا المنطلق فإنّ المقاومة الإسلامية بالإستناد إلى هذه النّصوص القرآنية الواضحة بدأت جهادها الطويل والمرير ضدّ العدوان الصهيوني الغاشم الذي جثم على أرضنا، وقتل أهلنا وشرّدهم ودمّر بيوتهم ونهب أرزاقهم، وأثار حالةً شديدةً من الخوف والرعب التي بثّها وأشاعها في القلوب والنّفوس حتّى تستسلم له الإرادة الرسميّة والشعبيّة وتعترف له بسيطرته وهيمنته على مقدّرات البلد واستغلاله سياسيّاً وإعلاميّاً وثقافيّاً لتطبيع الشعب اللبناني أولاً، ثمّ الإنطلاق منه إلى الدائرة الأوسع في عالمينا العربي والإسلامي.
إنطلقت المقاومة من عقيدتها التي تأمرها بردّ العدوان من دون إنتظار الآخرين الذين كانوا محكومين بمجموعةٍ من الأعراف والموازين القائمة على أساس أنّ الحرب تحتاج إلى توازن في القوى بين الفئات المتحاربة لأنّ عدم التوازن يؤدّي حتماً إلى وقوع الهزيمة وزيادة الخسائر الماديّة والمعنويّة، وبما أنّ ميزان القوى مائلٌ لصالح العدو بدرجةٍ كبيرة فهذا يعني أنّ الدفاع لتحرير الأرض والإنسان من دنس ذلك العدو كان ضعيفاً بل يمكن القول بأنّه كان معدوماً.
هذه المقولة التي كان يروّج لها ضعفاء الإيمان لم تتمكّن من أن تكون عائقاً أمام المقاومة الإسلامية التي كانت ترى أنّ قوّة العدو التي قد تفوق قوّة الأمّة بنظر البعض ليست مبرّراً للخضوع لسلطانه والإستسلام لمخطّطاته.
فالإسلام الذي يزرع في نفوس أتباعه حبّ الجهاد والتّضحية والفداء والشهادة في سبيل الله قادرٌ على أن يحقّق التوازن المطلوب بين قوّة الأمّة وقوّة العدو، إلاّ أنّ تحقيق هذا التوازن يحتاج إلى من يسعى إلى الوصول إليه من خلال الإيمان به والإيمان بقدرة الأمّة على تحقيقه.
وهذه الإرادة هي التي توافرت عند أبناء المقاومة الإسلامية ومجاهديها، وانطلقوا في جهادهم صابرين محتسبين، وبدأوا يكيلون الضربات للعدو وينزلون به الخسائر في الأفراد والعتاد بشكلٍ لم يكن يتوقعه أو يحسب له حساباً، وإذا بالمعادلة تتغيّر منذ ذلك التاريخ، وتحوّل العدو إلى سجينٍ في الأرض التي احتلّها إلى أن اضطرّ إلى الإنسحاب عنها مرغماً، وسجلت المقاومة الاسلامية إنتصاراً مدويّاً على ذلك العدو الذي لم يتعوّد الإنسحاب من أرضٍ احتلها طوال فترة مواجهة الأمّة له.
إنّ ذلك الإنتصار الذي تحقّق فتح أعين أبناء الأمّة وأنار بصائرها، ونقلها من موقع اليأس إلى الأمل، ومن موقع الضعف إلى القوّة، وأثبت أنّ الإرادة النابعة من التمسّك بعقيدتنا الإسلامية، وقيامنا بواجب الجهاد والدفاع ضدّ عدو الأمّة الأساس، هما السبيل لتحقيق الإنتصار وتحرير الأرض والإنسان والقرار.
من هنا نقول إنّ المقاومة الإسلامية تقاتل اليوم من أجل تركيز حالتين أساسيّتين عند الأمّة وهما:
الأولى: التمسّك بالجهاد طريقاً لتحرير الأرض من دنس العدو.
الثانية: إستنهاض قدرات الأمّة المشلولة والمبعثرة والضائعة بسبب الدعايات المضلّلة التي يستعملها البعض للتعتيم على الخيار الذي سلكته المقاومة وأثبت أنّه الفاعل على تحقيق الأهداف المطلوبة.
وستبقى هذه المقاومة مستمرّة حتّى تصل هذه القناعة التي نريد إيصالها إلى كل قلبٍ وعقلٍ مسلم، وعندها لن يستطيع الآخرون من المنهزمين تضليل أجيال الأمّة وإبعادها عن سلوك طريق عزّتها وفخرها واستعادة مجدها ودورها.
نسأل الله أن يديم تأييده لأبطال المقاومة الإسلاميّة الذين يضحّون في سبيل أمّتهم وأن ينصرهم على أعدائهم أجمعين إنّه سميعٌ مجيب والحمد لله رب العالمين.