الصفحة الرئيسية
لن تسقط الأمّة
- 15 شباط/فبراير 2014
- الزيارات: 2106
ولهذا لم يكن مُستغرباً صدور التصريحات من أعضاء الوفد الأردني المفاوض أنّه سيكون الطرف التالي الذي يوقّع على اتفاقٍ مماثل مع الكيان الغاصب، لأنّ العقبة المانعة وهي عقبة المسار الفلسطيني قد ارتفعت بتوقيع اتفاق "غزة - أريحا".
ولا ريب أنّ هذين الإتفاقين – بعد توقيع الأردن بالطبع- سوف تكون لهما نتائج سيّئة على كلّ الذين ما زالوا في موقع الرفض لتوقيع اتفاقاتٍ مماثلة وبالأخص – سوريا- التي لم تكن تملك إلاّ خيار الإنتظار في مواجهة ما حصل بسبب اختلال موازين القوى لصالح الكيان الغاصب وبنسبةٍ كبيرة.
ولأنّ التوقيع الفلسطيني قد أضعف الموقف السوري الذي كان يعتمد على عدم الفصل بين المسارات التفاوضية لتقوية موقف الجميع والحصول على أفضل ما يمكن من النتائج لصالح العرب بشكلٍ عام والفلسطينيين بشكلٍ خاص.
ويبقى لبنان بالطبع وهو في الأصل لا مشكلة له أيضاً مع الكيان الغاصب، إلاّ أنّ الدور السوري القوي في لبنان لا يسمح للطاقم السياسي الذي يدير الأمور بالإنفلات وعقد اتفاق، وإن كان الحكم عندنا يطمح للوصول إلى شيءٍ مماثل لما حدث مع الفلسطنيين، وما الخطوة التي اتّخذت لإدخال الجيش إلى الجنوب إثر العدوان الإسرائيلي الأخير إلاّ دليلٌ واضحٌ على ذلك.
وأمّا باقي الأنظمة العربية فهي ما بين مُرحّب ومؤيّد لما حصل كأنظمة الخليج أو كأنّه لا دخل له في الصراع لا من قريبٍ أو بعيد كبعض أنظمة المغرب العربي وغالبية الأنظمة التي تدّعي الإسلام ديناً.
وهذا الجو كلّه إن دلّ على شيءٍ فهو يدلّ على عدم صلاحية أغلب الأنظمة في عالمينا العربي والإسلامي لإدارة الصراع مع الكيان الغاصب ومن خلفه من القوى الإستكباريّة، إذ أنّ غالبية هذه الأنظمة هي على شاكلة الكيان الغاصب ومن ابتكارات القوى الإستعمارية سابقاً والإستكبارية لاحقاً، ولن تقدر الأنظمة هذه على قيادة الصراع في الفترة الحاضرة كما لم تكن قادرة على إدارته في الفترة الماضية، وهي التي أوصلت الأمّة إلى مثل هذه الخيارات المذلّة بسبب الهزائم المتتالية التي مُنيت بها، وهي التي لعبت دوراً في تغييب الخيار الأساس للأمّة وهو "الإسلام"، وكانت تلاحق كوادره ومثقّفيه والقادرين على زرع القوّة والإرادة في نفوس أبناء شعوبنا الإسلاميّة التي كانت تتألّم مع كلّ هزيمةٍ تمنى بها الأنظمة في مواجهة الكيان الغاصب.
من هذا كلّه نقول إنّ هذا الخيار الوحيد الذي تحاصرنا به أمريكا وهو خيار التفاوض المؤدّي إلى الصلح لن يعرف طريقه إلاّ أبناء شعوبنا العربيّة والإسلاميّة، وستبقى أيّة اتفاقات يتمّ التوصّل إليها منظوراً لها على أنّها عملٌ خياني واستسلامي ولن تكون في مورد القبول، وستكون نتائجها كنتيجة "كامب – ديفيد" الذي بقي اتفاقاً بين الكيان الغاصب والنظام المصري ولم يتجاوزه إلى تطبيع الشعب المصري.
وهذه الإتفاقات سوف تؤدّي من جهةٍ ثانية إلى تقوية الخيار الإسلامي، خاصة بعد أن أثبت هذا الخيار أنّه قادرٌ على إدارة الصراع والمواجهة، بل وتحقيق الإنتصار ولو في حدوده الدنيا حالياً بسبب خوف الأنظمة من إعطائه المدى لمخالفته لمساراتها الإستسلاميّة ولإرتهانها لإرادة القوى الكبرى.
من هنا، ندعو شعوبنا العربية والإستسلامية إلى التعبير عن رفضها واستنكارها لاتفاق "غزة- أريحا" وكلّ الإتفاقات المماثلة التي يمكن أن يتمّ التوقيع عليها في المستقبل القريب، وأن تعلن تمسّكها بخيار الإسلام الذي سيكون الخيار الأوحد للأمّة إن آجلاً أو عاجلاً.
إنّ طلائع هذا الخيار متمثّلة اليوم بالمقاومة الإسلامية في لبنان والإنتفاضة الإسلاميّة للشعب الفلسطيني في الأرض المحتلّة وبكلّ الحركات الإسلامية المنتفضة في مصر والجزائر وغيرهما من بلدان عالمنا الكبير، وهي المعبّرة عن الخيار الحقيقي للأمّة في مواجهة كلّ أجواء الذلّ والإستسلام التي تسعى إليها الأنظمة مع الكيان الغاصب لتشكيل الحلف غير المقدّس ضدّ خيار العزّة والكرامة والإرادة الحرّة المتمثّل في الإسلام.
إنّ أمّتنا لن ترضخ، لن تركع، لن تستسلم، وسيأتي بعون الله ذلك اليوم القريب الذي نشهد فيه سقوط كلّ هؤلاء الذين يخادعون الأمّة ويزيّفون تاريخها ويرهنون مستقبلها للأعداء.
قال تعالى: {يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.
- والحمد لله رب العالمين -