الصفحة الرئيسية
دلالات ولادة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)
- 15 شباط/فبراير 2014
- الزيارات: 2736
ذكرى ولادة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تحمل في طياتها ومعانيها دلالات بالغة الأهمية على أن المولود القادم إلى عالم الدنيا هو شخصية عظيمة وسيكون لها شأن كبير على مستقبل البشرية كما كانت تشير كل الدلائل والقرائن التي عاصرت ولادته والتي حدثت عند ولادته كما تشير إلى ذلك الروايات الواردة عند كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم الفقهية ومدارسهم العقائدية.
إلا أننا سنتوقف عند بعض الدلالات التي حملتها ولادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للتدليل على عظمة ذلك النبي ومكانته عند الله سيحانه وتعالى :
الدلالة الأولى : رحمة للعالمين- كما قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، ولذا ورد أن العذاب الذي كان الله قد أنزله بشعوب سابقة على الإسلام قد رفعه الله بعد ولادة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعثه نبياً موصوفاً بالرحمة للعالمين، والكل يعلم أن الرحمة لا تناسب العذاب وتتنافى معه في نفس الوقت.
الدلالة الثانية : - تعظيمه على غيره من الأنبياء (عليهم السلام) – وذلك لأن الله سبحانه في القرآن قد خاطب كل الأنبياء (عليهم السلام) بأسمائهم، بينما خاطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالكناية، وهي أبلغ في المعنى من المخاطبة بلاسم، لأن الكناية تدل على رفعة مقام المكنّى ومكانته عند الله، ولذا يقول الله عزوجل عن نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في القرآن (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً) و (يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك)، بينما نراه يخاطب باقي الأنبياء بأسمائهم مثل (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) و(يا نوح اهبط بسلام ..) و(وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ..) و(فوكزه موسى فقضى عليه) و(يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك...)
الدلالة الثالثة – وجوب إيمان الأنبياء به لو أدركوه – كما تشير إلى ذلك الآية الثالثة التي ذكرناها في مقدمة هذه المقالة، وهذه الدلالة تعني أن النبي محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كان آخر الأنبياء في بعثه نبياً إلا أنه أولهم في المنزلة والمرتبة عند الله سبحانه وتعالى، ولذا ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله (إني عند الله مكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينه)، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة) .
الدلالة الرابعة : - ورود اسمه في الشرائع السماوية السابقة – فالنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو دعوة خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام) كما في الآية الأولى في مقدمة المقالة، وهو بشارة عيسى المسيح كما في الآية الثانية من المقدمة أيضاً وقد ورد ذكره في كلام أنبياء آخرين ممن أرسلهم الله سبحانه وتعالى، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على علو منزلة خاتم الأنبياء عند الله عزوجل، ويؤكد هذا ما ورد عن نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث يقول: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، لواء الحمد معي، وتحته آدم ومن دونه ومن بعده من المؤمنين) .
الدلالة الخامسة : - أنه النبي الوحيد الذي أقسم الله بحياته – كما في قوله تعالى: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ..) حيث من المعروف أن الله لا يقسم إلا بما هو كبير وعظيم بنظر الخلق أجمعين، وكما أقسم الله بالعظيم من موجوداته غير ذات الروح، أقسم بحياة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا القسم يدل على رفعة مكانته على باقي الأنبياء عند الله سبحانه وتعالى، ولذا قال ابن عباس (ما خلق الله عزوجل وما ذرأ نفساً أكرم عليه من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته فقال: (إنهم لفي سكرتهم يعمهون)
الدلالة السادسة : الحوادث التي وقعت حين ولادته (صلى الله عليه وآله وسلم): لم يحدث حدث أو ما يقاربها عند ولادة اي نبي آخر حتى من انبياء أولي العزم الآخرين وهم (إبراهيم، موسى، عيسى، وقبلهم النبي نوح (عليه السلام))، والحوادث التي وقعت هي التالية – تصدع إيوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة منه – غيض بحيرة ساوة – خمود نار فارس وكانت لا تزال مشتعلة منذ ألف عام لم تنطفىء – إنكباب الأصنام عند الكعبة على وجوهها – أي أنها وقعت على الأرض بعد أن كانت واقفة – إنارة الدنيا بأسرها لحظة ولادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كدليل على عظمة المولود الوافد إلى الدنيا وأنه سيد بني البشر أجمعين من الأولين والآخرين، ويضاف إلى هذه الحوادث أمور أخرى حدثت قد لا تستوعبها عقول أبناء هذا العصر الذين لا يؤمنون إلا بما هو مادي محسوس، لكنها من الأمور المسلّمة عند المسلمين نظراً لمكانة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) العالية عند الله وهو النبي الذي بلغ " قاب قوسين أو أدنى " من العرش الإلهي .
ومايؤكد هذه الدلالات وغيرها هو أن الإسلام – الدين الذي أوحى الله به إلى نبيه الخاتم هو خاتم الأديان والرسالات السماوية والذي كان من المفروض بكل أتباع الديانات السماوية اللحاق به لأنه نهاية السلسلة من الأديان الإلهية، ولذا قال الله تعالى في القرآن الكريم: (أن الدين عند الله الإسلام) و(من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، ودين محمد سوف يستمر مع استمرار الإنسانية إلى آخر يوم من أيام هذه الدنيا وحتى قيام الساعة، ومن دلالات ولادة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الذي سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً في آخر الزمان هو الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) وهو من نسل النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا الأمر بحد ذاته فيه تكريم وتعظيم لمقام النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي سينصر الله دينه على كل الأديان، وسيكون دينه هو الذي تلتزمه الإنسانية قبل حدوث يوم القيامة وخروج الناس من قبورها للعقاب في النار أو للثواب في الجنة .
والحمد لله رب العالمين
الفهرس :
- البقرة – 129
- الصف – 6
- آل عمران -81
- الأنبياء – 107
- الأحزاب – 45
- المائدة – 67
- البقرة – 35
- هود – 48
- البقرة – 127
- القصص – 15
- المائدة – 110
- زوائد إبن حبان رقم 2093
- أخرجه البخاري في الجمعة – باب فرض الجمعة
- رواه الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رقم 3147
- الحجر – 72
- مجمع الزوائد – 7/46/
- آل عمران – 19
- آل عمران – 85