الصفحة الرئيسية
موجز عن حياة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
- 15 شباط/فبراير 2014
- الزيارات: 1985
هجرية، وقيل بأنه مات مسموماً شهيداً، وهذا ما يوافق الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام): (والله ما منا إلا مقتول أو شهيد)، وكانت أمه تسمى "سليل" وكانت من النساء العارفات الصالحات، ومن ألقابه (عليه السلام): ( إبن الرضا، والعسكري، والهادي، والسراج) وكانت صفة لونه بين (السمرة والبياض)، وكان نقش خاتمه (سبحان من له مقاليد السموات والأرض).
وقد وردت النصوص على إمامته بالخصوص كما في سائر الأئمة (عليهم السلام) فعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: (إن الإمام بعدي إبني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمامة بعده في إبنه الحسن (عليه السلام) ).
وكانت إقامة الإمام العسكري (عليه السلام) في "سامراء" من نوع الإقامة الجبرية عليه (عليه السلام)، خصوصاً أن العباسيين كانوا يعرفون من خلال الأحاديث أن الإمام الثاني عشر بعد العسكري هو الذي يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعد أن تكون قد مُلئَتْ ظلماً وجوراً، وهو الذي سيزيل ملكهم وسلطانهم، ولهذا كانوا يحاصرونه حتى إذا رُزِقَ بولد أخذوه وتخلصوا منه كما كانوا يتوهمون، إلا أن مشيئة الله كانت أقوى من مشيئتهم، وحملت "نرجس" أم الإمام المهدي (عليه السلام) بولدها من دون أن تظهر عليها آثار الحمل على الإطلاق، ولم يوفق الله العباسيين للاهتداء إلى الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) لقتله والتخلص منه.
وتميّز عهد الإمام العسكري (عليه السلام) بانتشار الشيعة انتشاراً واسعاً في العالم الإسلامي، وكانت تُجْبَى إلى الإمام أموال الخمس وغيرها من عدة طرق وبوسائل متنوعة وكان من وكلائه آنذاك عثمان بن سعيد العمري الذي صار بعد ذلك سفيراً للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، حيث كان يتظاهر بتجارة السمن ويجمع الأموال من الوكلاء ويأتي بها إلى الإمام (عليه السلام).
وقد عانى الإمام العسكري (عليه السلام) من جور وظلم الخلفاء العباسيين الذين عاصرهم كما حصل مع آبائه من قبله، مع أن المعتمد العباسي كان يعيش الخوف والتشاؤم من سيطرة الأتراك على مقدرات الخلافة واستنجد بالإمام ليدعو له بالبقاء في الحكم وأن لا يحصل معه كما حصل مع المعتز والمهتدي من قبله ودعا له الإمام بذلك ومع هذا لم يسلم الإمام (عليه السلام) من ظلمه وجوره وشره، وسجن الإمام أكثر من مرة في سجونه خوفاً منه ومن شيعته الذين كما قلنا قد ازدادت أعدادهم حتى في سامراء عاصمة الخلافة العباسية في ذلك الوقت.
وكان مما دفع بالخلفاء العباسيين للتضييق على الإمام (عليه السلام) هو أنه كان يوصي بالعدل والإحسان والإيثار، وينبه الناس إلى استهتار الخلفاء وحواشيهم وأتباعهم بالقيم والمبادئ وإلى الظلم والجور الذي يمارسونه ضد الرعية في بلاد المسلمين، وهذا ما كان يرى فيه الخلفاء تهديداً لسلطتهم وحكمهم، ولم يقتصر الأمر في التضييق على الإمام، بل امتد التضييق إلى الشيعة ما بين سجن وقتل حتى يقال بأنهم قتلوا من شيعة الأئمة (عليهم السلام) مقتلة عظيمة في مدينة "قم" التي كانت ملاذ العلماء والمحدثين.
وكذلك مارس الإمام (عليه السلام) دوره في الدفاع عن الإسلام والتشيع وفضح المذاهب المخالفة والمنحرفة كالفطحية والواقفية، وقد روى الرواة عنه عن هؤلاء (خذوا مارووا وذروا ما رأوا) أي خذوا بالأخبار التي ينقلونها لكم عنا، ولكن لا تعملوا ولا تأخذوا بآرائهم المنحرفة في الأمور العقائدية والفكرية.
ومن الوظائف المهمة التي مارسها الإمام العسكري (عليه السلام) في زمانه هو ضبط الأحاديث الواردة عن الأئمة السابقين والواردة عنه والتي كان يجمعها الرواة بمعرفة الإمام وإشرافه المباشر تارة، وغير المباشر أخرى، والسبب في ذلك هو الخوف من ضياع تلك الأحاديث أو تحريفها وتزييفها على يد الفرق الضالة والمنحرفة خدمة لأغراضها وأهدافها وترويجاً لمذاهبهم الباطلة.
ومن أهم الأحاديث الواردة عنه (عليه السلام): (أما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منه شيئاً ولا كرامة، وإنما كثر التخليط فيما يُتحمَّل عنا أهل البيت لذلك لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه لجهلهم ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم).
رحم الله الإمام العسكري والسلام عليه يوم وُلِدَ ويوم مات ويوم يُبْعثُ حياً.
والحمد لله رب العالمين