حقوق الزوجة على زوجها
- المجموعة: مقالات فقهية
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2210
والذي يتابع العلاقة الزوجيّة في الإسلام، ويستقرىء كيفيّة تنظيم الإسلام لها، يلاحظ أنّ الإسلام في كل تشريعٍ وتوجيهٍ إنّما يبني العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة على أساسٍ من الودّ والرّحمة والمعروف وحسن المعاشرة ويعتبر ذلك ميثاقاً مقدّساً، ومبدأ أساسياً.
وكم هو رائع قول الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) وهو يعبّر عن هذا الميثاق المقدس بقوله: (ذا أراد الرجل أن يتزوّج المرأة، فليقل أقررت بالميثاق الذي أخذ الله: إمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسان)
وباستقرار نصوص الشّريعة ومفاهيمها وقيمها التي حدّدت حقّ المرأة على الرجل نستطيع أن نشخّصها كالآتي:
أ – حقّ النّفقة، فللمرأة على زوجها حقّ النّفقة، فهو المسؤول عن توفير ما تحتاجه المرأة من طعامٍ ولباسٍ وسكنٍ وعلاجٍ ووسائل للزينة تتناسب ووضعها الإجتماعي من جهة، وقدرته الماليّة من جهةٍ أخرى.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (أيّها النّاس، إنّ لنسائكم عليكم حقاً، ولكم عليهنّ حقاً، حقّكم أن لا يوطئن أحداً فرشكم، ولا يدخلنّ أحداً تكرهونه بيوتكم إلاّ بإذنكم، وألاّ يأتين بفاحشةٍ، فإن فعلن فإنّ الله قد أذن لكم أن تعضلوهن، وتهجروهن في المضاجع، وتضربوهنّ ضرباً غير مبرحٍ، فإذا انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف، أخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكتاب الله، فاتّقوا الله في النّساء، استوصوا بهنّ خيراً).
ب – حسن المعاشرة، ومبادلتها الحب والثقة والإحترام:
{وعاشروهنّ بالمعروف} (النساء/19).
{فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسان} (البقرة/229).
{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّةً ورحمة}(الروم/21).
{ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف} (البقرة/228).
وعن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): (ألا خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي).
وفي حديثٍ آخر: (رحم الله عبداً أحسن فيما بينه وبين زوجته، فإنّ الله عزّ وجلّ قد ملّكه ناصيتها، وجعله القيّم عليها).
فالحياة الزوجيّة هي منبع السّعادة، ومصدر الحبّ والحنان، وفي أحضان البيت يجد الإنسان راحته واستقراره، وبقرب زوجته يشعر بالطمأنينة والسرور.
وبقدر ما تكون العلاقة وديّة والمعاشرة حسنة بين الزوجين تكون أجواء الأسرة موحية بالأمن والإستقرار والرّاحة للزوج والزوجة والأبناء، وكم كان دقيقاً ومؤثّراً قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال: (قول الرجل للمرأة أنّي أحبك لا يذهب من قلبها أبداً).
ويؤكّد الإسلام على حسن معاشرة الزوجة، وملء الجانب النّفسيّ والجماليّ من حياتها، ومراعاة التّوافق الجنسيّ والإشباع الغريزيّ بين الزوجين، لتحتلّ كلّ أبعاد العلاقة الزوجيّة بينهما، بل يؤكّد أكثر من ذلك فيدعو الرجل إلى أن يتّخذ كل الوسائل والأساليب التي تحبّب إليه زوجته، وتعمل على شدّها نفسيّاً وغريزيّاً إليه، وتدعوه لإشباع كل دوافع الرّغبة واللذّة في نفسها، عن طريق هذه الوسائل، فالإسلام يدعو الرجل إلى الحرص على الجانب الجماليّ في شخصه والعمل على جذب المرأة والإستجابة إلى رغبتها الجنسيّة، ومداعبتها، وإثارتها جنسيّاً للتّوافق معها، قبل أن يقدم على الجماع وممارسة العلاقة الغريزيّة. فالمرأة طرف معادل في اللذّة والإستمتاع الجنسيّ، وليست وسيلةً للإستمتاع والإشباع الغريزيّ للرجل، فقد جاء في الحديث الشريف:
"كلّ لهو المؤمن باطلٌ إلاّ في ثلاث: في تأديبه الفرس، ورميه عن قوسه، وملاعبته امرأته، فإنّهنّ حقّ".
(إذا أراد أحدكم أن يأتي زوجته، فلا يعجلها، فإنّ للنّساء حوائج).
(ثلاثة من الجفاء: أن يصحب الرجل الرجل فلا يسأله عن إسمه وكنيته، وأن يدعى الرجل إلى الطعام فلا يجيب، وأن يجيب فلا يأكل، ومواقعة الرجل أهله قبل الملاعبة).
روى الحسن بن الجهم عن الإمام علي بن موسى الرضا قال: (رأيت أبا الحسن اختضب فقلت: جعلت فداك اختضبت؟ فقال: (نعم، إنّ التّهيئة ممّا يزيد في عفّة النّساء، ولقد تترك النّساء العفّة بترك أزواجهنّ التّهيئة، ثمّ قال: أيسرُّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كانت على غير تهيئة؟ فقلت: لا، قال: فهو ذاك، ثمّ قال: من أخلاق الأنبياء التنظّف والتطيّب وحلق الشّعر وكثرة الطروقة).
ولعلّنا استطعنا من خلال هذا العرض أن نرسم صورةً واضحةً عن حسن المعاشرة وحق الزوجة على زوجها، لملء كلّ أبعاد العلاقة الماديّة والأخلاقيّة والغريزيّة والجماليّة بينهما.