رسالة إلى المسلمين في لبنان والعالم من الحسين بن علي (عليه السلام)
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2229
من هم هؤلاء الذين يريدون أن يفرضوا عليكم إنتماءً غير إنتمائكم، وتاريخاً غير تاريخكم، وثقافةً غير ثقافتكم، وحضارةً غير حضارتكم؟
هل تعلمون بأنّ هؤلاء أذناب أمريكا "الشيطان الأكبر" في عصركم؟ إنّهم الراكعون أمام قدميها في زمن الذلّ والهزيمة، الراضون بعيش العار والهوان على حساب العزّة والشرف والكرامة؟ ألا تدركون بأنّ أمريكا هي التي تصدر الأوامر لعبيدها لنشر الفساد في ربوعكم وبين ظهرانيكم؟
ثمّ، هل تعلمون من المستفيد من ذلك؟ إنّها جرثومة الفساد "إسرائيل"، فهي المستفيدة من كلّ هذه الأجوء الماجنة والخليعة التي ينشرونها بينكم، لجعلكم شعباً بلا هويّة، بلا قضية، بلا مبادئ، وبلا مستقبل، حيث لا شيء سوى العبثيّة واللغويّة والفوضى والإنحلال الخلقي والديني والسلوكي وهذا هو ما يرضون لكم بديلاً، لتكون كلمة إسرائيل في بلادنا هي الأقوى، وذراعها هي الأطول، وقوّتها هي التي تصل إلى ما تريد.
لمن تلك الصور المخزية التي يحاولون إظهاركم بها؟وأين موقعها ورتبتها في مقابل الصور الجهادية الوضّاءة المشرقة التي رسمتموها بجهادكم ودماء شهدائكم؟ والتي رفعتم بها إسم الإسلام عالياً، وأعدتم العزّة السليبة لأمّتكم الإسلاميّة؟
هل أنّ شبابكم الذين ضحوا وبذلوا مهجهم ودماءهم كان من أجل الوصول إلى هذه النتيجة المحزنة والمخزية في آنٍ معاً؟
هل أنّ شبابكم جاهدوا واستشهدوا من أجل بناء هذه الدولة بتركيبتها الحالية؟ أم من أجل بناء الدولة العادلة التي تحمل السيف لتدافع عن كرامة الشعب وتعمل لتحرير الأرض؟
فيا أهلنا الطيّبين، ويا أهلنا المحبّين الموالين: إنّي أناديكم من كربلاء، ومعي العباس وعلي الأكبر والقاسم والطفل الرضيع، وحبيب بن مظاهر وزهير بن القين ومسلم بن عوسجة، وسائر الشهداء، يتألّمون ويبكون، لما يحدث عندكم ويجري في بلادكم، ويقولون لكم كما أقول إنّنا لم نستشهد في كربلاء لكي نرى ما يحصل الآن من الإنحراف والفساد في ربوعكم، إنّنا لا نرضى لكم ذلك، لأنّه ليس من شيم الموالين المحبين أن يسمحوا لتلك الأجواء أن تسود.
فيا أهلنا في جبل عامل: هبّوا وقوفا بوجه كلّ أولئك الذين يريدون أن يزيّفوا تاريخكم ويسفّهوا طريقتكم، واقتلعوهم من بين أظهركم قبل أن تقوى شوكتهم، وتغلظ أعوادهم، فإنّكم بعون الله قادرون، وبنصره مؤيّدون.
هبّوا يا أهلنا، ولا تخافوا من الموت، لأنّ الخوف من الموت شيمة الضعفاء والجبناء، وأنتم كما عهدي بكم لستم كذلك، لأنّكم من موالينا ومحبينا، ومن كان منتسباً إلينا لا يعرف الجبن والضعف والخوف إلى أنفسهم سبيلاً، خاصّة وأنّكم مارستم ذلك ضدّ ما هو أقوى فانتصرتم، وهزمتم بإرادتكم وإيمانكم بالله وبحقّكم وبقبضاتكم إسرائيل، وأثبتّم للعالمين أنّها "نمرٌ من ورق" لا يخيف ولا يرهب إلاّ من خلا قلبه من الإيمان والإرتباط بالحقّ.
فقوموا رحمكم الله، وثوروا ضدّ الفساد، واعلموا أنّ رسول الله جدي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين أبي والزهراء أمي والحسين أخي والأئمة التسعة من ولدي (عليهم السلام) وأنا ندعو لكم بالنّصر والغلبة وفوق كلّ ذلك وقبل كلّ ذلك، فإنّ عين الله هي التي ترعاكم، والله مؤيّدكم بتوفيقه ونصره.
"والسلام على من اتبع الهدى والحمد لله ربّ العالمين"