الإثنين, 25 11 2024

آخر تحديث: الجمعة, 01 آذار 2024 3pm

آية التطهير

sample imgage

يقول الله تعالى في محكم كتابه: ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) 33 الأحزاب.

تتحدث هذة الآية عن إثبات التطهير لأهل البيت “عليه السلام” عبر إذهاب الرجس عنهم بالإرادة الإلهية, ونفي هذا التطهير عن غيرهم, كما تشير إلى ذلك كلمة:"إنما" المستعملة في اللغة العربية لإثبات ما بعدها ونفي هذا المثبت عن سواه.

والإرادة الإلهية المقصودة هي "التكوينية" التي تعني عدم تخلف المراد عن الإرادة لاستحالة التفكيك بين الإرادة بهذا المعنى والمراد, وليس" التشريعية" لأن الإنسان هو الذي يتخلف وتتخلف بين هذة الإرادة وبين المراد "الفعل" لأنه لو كانت هي المقصودة لكان معنى ذلك أن الله يريد طهارة أهل البيت “عليهم السلام” وذهاب الرجس عنهم بإرادتهم واختيارهم, فلا يكون في الآية دلالة على عصمتهم, مضافا إلى عدم استقامة المعنى مع كلمة "إنما" لأن الله يريد من كل انسان أن يعيش الطهارة النفسانية والصفاء الإيماني, ولا يختص ذلك بأهل البيت (عليهم السلام).

 

فالإرادة إذن هي "التكوينية" وذلك لمناسبتها مع الحصر المستفاد من "إنما" مضافاً إلى دلالتها على استحالة صدور الرجس عنهم أو مفارقة الطهارة لهم, وبذلك تثبت الآية المعنى الإيجابي "التطهير" وتنفي المعنى السلبي "الرجس" وتثبت "العصمة".

والرجس هو "القذر" أو الحالة المنفرة وهو قد يكون محسوساً كما في قوله تعالى: (أو لحم خنزير فإته رجس)، أو معنوياً نفسياً كما يقول تعالى: (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم).

وأما من هم المقصودون بأهل البيت؟ فقد وردت نصوص كثيرة جداً من طرق الشيعة والسنة عن النبي”صلى الله عليه وآله” أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين ”عليهم السلام”, وهم الذين يحملون ألقاب"أمير المؤمنين" و"سيدة نساء العالمين" و"سيدي شباب اهل الجنة" وفي بعض النصوص الأخرى ذكرت أسماء الأئمة “عليه السلام” كلهم.

وقد حرص النبي “صلى الله عليه وآله” على تشخيصهم بما لا يزيد عليه, ويجعلهم معروفين بدون غموض أو إبهام, وينفي في الوقت ذاته عنوان "أهل البيت" عمن لا ينطبق عليه، ففي رواية عبد الله بن جعفر عن النبي”صلى الله عليه وآله”، قال “صلى الله عليه وآله”: أدعوا آلي, فتقول صفية: من؟ فيقول “صلى الله عليه وآله”: أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين, ثم يقول: اللهم هؤلاء آلي")

وحديث الكساء وكما في رواية "أم سلمة": دعا رسول الله “صلى الله عليه وآله” حسناً وحسيناًوفاطمة فأجلسهم بين يديه, ودعا علياً فأجلسه خلفه, فتجلل هو وهم بالكساء , ثم قال": هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)

وكذلك ورد أن الرسول “صلى الله عليه وآله” بقي لفترة بعد نزول الآية يمر كل يوم بباب الزهراء “عليها السلام” ويتلو "آية التطهير" بمسمع من المسلمين وبمرآهم.

وعليه لا ينبغي الالتفات إلى ما قد أورده البعض من أن الآية تشمل زوجات النبي “صلى الله عليه وآله” أو المنتسبين إليه بالنسب أو السبب, لأن هذه التوسعة في المراد من "أهل البيت "تصطدم بمحذورين رئيسيين هما:

الأول: من الذي ادعى من هؤلاء العصمة من كل رجس إضافة إلى المقصودين بالآية ؟

الثاني: على فرض وقوع مثل هذا الادعاء فهل يصدق فعل المدعي قوله؟

وهذان المحذوران لا نجد من يستطيع ردهما أو الإجابة عنهما بالنسبة إلى الزوجات أو الأقارب, خاصة بعد نزول القرآن بالآيات حول الأزواج أو بلحاظ من ينتسب إلى النبي ”صلى الله عليه وآله” غير أهل البيت المقصودين من الآية.

بينما الذين تشملهم الآية والذين قصدهم النبي”صلى الله عليه وآله” وأوضحهم, وهم الأربعة معه, هم الذين ادعوا العصمة, وكانت أعمالهم وأقوالهم ومواقفهم مطابقة لدعواهم لحظة لحظة, ومتوافقة مع دلالة الآية, وهم الذين ما زالوا يفيضون علينا بأنوارهم الإلهية وأقوالهم الربانية ومواقفهم الرسالية والإيمانية والمعنوية بآية التطهير.

من هذا كله كانت وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمته بالتمسك بالثقلين كما في الحديث المعروف والمشهور: ( إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)

من هنا, لا نجاة للأمة, ولا فلاح لها, إلا بالتمسك بهما معاً لكي تفوز في الدنيا والآخرة, والتخلي عن واحد منهما دون الآخر لن يحقق المطلوب.