المرأة في خطّ الإمام "قده"
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 1598
كما عمل خطّ الإمام على محاربة الدعوات الغربية التي تريد للمرأة أن تتحرّر من كلّ القيود والضوابط الإنسانية والأخلاقية والإجتماعية التي كان العالم الغربي يسعى لجعلها واقعا جديداً للمرأة في كلّ العالم انطلاقاً من اعتماده على قواه العسكرية والإقتصادية والسياسية التي هيمن فيها على الشعوب وأراد فرض ثقافته نحو المرأة في عالمنا الإسلامي وعالم المستضعفين عموماً ، فخطّ الإمام سعى إلى أن تأخذ المرأة المسلمة دورها المرسوم لها في نطاق التشريع الإلهي الذي أنصف المرأة وحرّرها من قيود الجاهلية التي كانت تجعل المرأة سلعةً ووسيلةً للمتعة وحقلاً للإنجاب لا أكثر، وفي هذا المجال يقول الإمام "قده": ( فالإسلام أنقذ النساء من تلك الأمور التي كانت سائدة في الجاهلية ، تلك الخدمة التي أدّاها الإسلام للمرأة يعلم الله أنّه لم يؤدّها للرجل ).
ولعلّ أكثر ما يميّز خطّ الإمام "قده" حول المرأة هو تصدّيه الشديد والقوي لدعوات تغريب المرأة واقتلاعها من جذورها الإنسانيّة والإسلاميّة إلى حالة الإنفلات، خصوصاً أنّ هذه الدعوة الباطلة التي كانت تستمدّ قوّتها من دعم الأنظمة المدّعية للإسلام كما في إيران الشاه، وفي هذا يقول الإمام "قده": (إنّ هذا الشاه وهو الذي قال كما نُقل في لقاءٍ مع صحفي إيطالي "نظريّتي في المرأة هي أنّها يجب أن تكون جميلة"، إنّ هذا الشاه هو الذي يريد أن يجرّ المرأة إلى الفساد ويريد أن يجعلها لعبة، إنّ مذهبنا ضدّ هذه الفجائع والمصائب وليس ضدّ حرية المرأة).
من هنا ينطلق الإمام "قده" ليقود الدعوة الحقّة لإعطاء المرأة المسلمة دورها الحقيقي المنطلق من كونها إنساناً كاملاً لائقاً للتكليف وقادراً على إنجاز المهمّات حتّى الصعبة منها، وليس بناء الحياة حكراً على الرجل وحده، ويقول في هذا: (في النظام الإسلامي تستطيع المرأة أن تشارك الرجل في بناء المجتمع الإسلامي بعنوان أنّها إنسان ولكن ليس بصورة شيءٍ آخر، إذ ليس لها الحقّ في أن تتدنّى بنفسها إلى هذا الحد، ولا للرجال الحقّ في أن يفكّروا فيها بهذه الطريقة).
وقد دعا الإمام "قده" إنطلاقاً من هذه الرؤية للمرأة إلى التزام المجتمع الإسلامي بكلّ مفردات هذا الدور الواسع للمرأة المسلمة من السماح لها بتلقّي التعليم والمشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية والثقافية، بل وحتّى في المجالات الجهادية، ودعا إلى تحرير المرأة من الإنحباس في بيتها بالطريقة التي تمنع عليها التواصل مع المجتمع وقضاياه وتطوّراته لكي تستطيع أن تمارس الدور المطلوب منها بفعالية واقتدار، إذ بمقدار ما تكون المرأة ضليعة بأمور المجتمع وقضاياه بمقدار ما ينعكس هذا على أدائها لوظائفها في كلّ مواقع التربية والعمل في بيت أهلها أو زوجها أو مراكز التوظيف وغير ذلك، ونقتطف مقاطع كلمات الإمام "قده" في هذه المجالات فيقول: (إنّ النساء أحرار في الإنتخابات والنشاط وتقرير المصير، بل وفي لباسهنّ أيضاً مع رعاية الموازين الإسلامية)، وكذلك :(إنّ مقاومة وفداء هؤلاء النساء العظيمات في الحرب المفروضة أمرٌ مثير للإعجاب إلى الحدّ الذي يعجز فيه القلم والبيان بل يخجل من ذكره)، ويقول أيضاً :(لقد كانت النساء في صدر الإسلام تذهب الي الميدان من أجل مداواة الجرحى في الحروب الإسلامية، تبقى النساء مختبئات وتُمنع من الخروج، من قال لكم إنّ هكذا شيء ينبغي أن يحدث؟ إنّهم أحرار كالرجال)، وكذلك :(إسعيْن أيّتها النساء لتحصيل العلم والتقوى، فالعلم لا ينحصر في أحد، بل هو للجميع، ولطالما أنتنّ أيّتها النساء حاضرات في الساحة وتربين الشباب فإنّ الإسلام سوف يتقدّم) و (يجب عليكنّ أيّتها النساء أن تعملن على جبهة العلم والثقافة).
ولعلّ من أروع النصوص على الدور العظيم للمرأة هو ما قاله الإمام "قده" عن تشبيه المرأة بالقرآن في عملية صنع الأجيال المؤمنة الصالحة العاملة ويقول: (إنّ العناية التي يوليها الإسلام للنساء أكثر من تلك التي يوليها للرجال، فهنّ قد ربين الرجال الشجعان في أحضانهنّ، والقرآن الكريم يصلح الإنسان في الوقت نفسه الذي تصلحنه النساء أيضاً، وإذا حُرِمت الأمّة من المرأة الشجاعة والمصلحة فإنّها سوف تصاب بالهزيمة والإنحطاط..).
وفي كلّ دعوته لإنصاف المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية يرشد الإمام "قده" النساء المسلمات إلى الإقتداء بالزهراء (عليها السلام) وبزينب (عليها السلام) كونهما النموذجين المعبِّرين خير تعبير عن النظرة الإسلامية للمرأة ويقول: (إنّ على النساء أن يتأسين بالزهراء (عليها السلام) في مجال الزهد والتقوى والعفّة وتحصيل العلم ومجاهدة النفس والدفاع عن الإسلام...)، وكذلك :(لقد وقفت السيدة زينب (عليها السلام) أمام جبار إذا تنفّس الرجال في حضرته لقتلهم جميعاً ... يجب أن تكون المرأة هكذا، ونساؤنا في هذا العصر يشبهونها والحمد لله...).
والحمد لله ربّ العالمين.