آية التطهير
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2167
فالإرادة إذن هي "التكوينية" وذلك لمناسبتها مع الحصر المستفاد من "إنما" مضافاً إلى دلالتها على استحالة صدور الرجس عنهم أو مفارقة الطهارة لهم, وبذلك تثبت الآية المعنى الإيجابي "التطهير" وتنفي المعنى السلبي "الرجس" وتثبت "العصمة".
والرجس هو "القذر" أو الحالة المنفرة وهو قد يكون محسوساً كما في قوله تعالى: (أو لحم خنزير فإته رجس)، أو معنوياً نفسياً كما يقول تعالى: (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم).
وأما من هم المقصودون بأهل البيت؟ فقد وردت نصوص كثيرة جداً من طرق الشيعة والسنة عن النبي”صلى الله عليه وآله” أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين ”عليهم السلام”, وهم الذين يحملون ألقاب"أمير المؤمنين" و"سيدة نساء العالمين" و"سيدي شباب اهل الجنة" وفي بعض النصوص الأخرى ذكرت أسماء الأئمة “عليه السلام” كلهم.
وقد حرص النبي “صلى الله عليه وآله” على تشخيصهم بما لا يزيد عليه, ويجعلهم معروفين بدون غموض أو إبهام, وينفي في الوقت ذاته عنوان "أهل البيت" عمن لا ينطبق عليه، ففي رواية عبد الله بن جعفر عن النبي”صلى الله عليه وآله”، قال “صلى الله عليه وآله”: أدعوا آلي, فتقول صفية: من؟ فيقول “صلى الله عليه وآله”: أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين, ثم يقول: اللهم هؤلاء آلي")
وحديث الكساء وكما في رواية "أم سلمة": دعا رسول الله “صلى الله عليه وآله” حسناً وحسيناًوفاطمة فأجلسهم بين يديه, ودعا علياً فأجلسه خلفه, فتجلل هو وهم بالكساء , ثم قال": هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)
وكذلك ورد أن الرسول “صلى الله عليه وآله” بقي لفترة بعد نزول الآية يمر كل يوم بباب الزهراء “عليها السلام” ويتلو "آية التطهير" بمسمع من المسلمين وبمرآهم.
وعليه لا ينبغي الالتفات إلى ما قد أورده البعض من أن الآية تشمل زوجات النبي “صلى الله عليه وآله” أو المنتسبين إليه بالنسب أو السبب, لأن هذه التوسعة في المراد من "أهل البيت "تصطدم بمحذورين رئيسيين هما:
الأول: من الذي ادعى من هؤلاء العصمة من كل رجس إضافة إلى المقصودين بالآية ؟
الثاني: على فرض وقوع مثل هذا الادعاء فهل يصدق فعل المدعي قوله؟
وهذان المحذوران لا نجد من يستطيع ردهما أو الإجابة عنهما بالنسبة إلى الزوجات أو الأقارب, خاصة بعد نزول القرآن بالآيات حول الأزواج أو بلحاظ من ينتسب إلى النبي ”صلى الله عليه وآله” غير أهل البيت المقصودين من الآية.
بينما الذين تشملهم الآية والذين قصدهم النبي”صلى الله عليه وآله” وأوضحهم, وهم الأربعة معه, هم الذين ادعوا العصمة, وكانت أعمالهم وأقوالهم ومواقفهم مطابقة لدعواهم لحظة لحظة, ومتوافقة مع دلالة الآية, وهم الذين ما زالوا يفيضون علينا بأنوارهم الإلهية وأقوالهم الربانية ومواقفهم الرسالية والإيمانية والمعنوية بآية التطهير.
من هذا كله كانت وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمته بالتمسك بالثقلين كما في الحديث المعروف والمشهور: ( إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)
من هنا, لا نجاة للأمة, ولا فلاح لها, إلا بالتمسك بهما معاً لكي تفوز في الدنيا والآخرة, والتخلي عن واحد منهما دون الآخر لن يحقق المطلوب.