الخميس, 28 11 2024

آخر تحديث: الجمعة, 01 آذار 2024 3pm

أهمية التعلّم عند الإمام "قده"

sample imgage

من أهم ما يميّز القائد في مفهومنا الإسلامي أن يكون حريصاً وغيوراً ومندفعاً نحو القيام بكلّ ما يؤدّي إلى ترسيخ الإسلام في النفوس وما يقوّي الإرادة ويشدّ العزائم ويشحذ الهمم نحو الوصول إلى الأهداف الكبرى لهذا الدين.

من هذا المنطلق نجد أنّ الإمام الخميني "قده" بمجرّد أن انتصرت الثورة الإسلامية المباركة في إيران وجَّه إهتمامه بشكلٍ كبير نحو تعليم الشعب وتلقينه القراءة والكتابة لرفع الأميّة ومحوها، تلك الأمية التي كانت متفشية بين أوساط الشعب، خصوصاً في القرى والأرياف التي كانت مهملة ومستبعدة وليست جزءاً من إهتمامات النظام الشاهنشاهي الذي كان حاكماً قبل انتصار الثورة.

 

فالإمام "قده" كان ينظر إلى أنّ الأمية بالطريقة التي كانت متفشية وموجودة ستكون المدخل المناسب للنظام الفاسد للتغلغل إلى قلوب الناس وعقولها عبر زرع المفاهيم الباطلة والمنحرفة التي تذهب بأولئك بعيداً عن مسارهم وأهدافهم وسلوكهم.

ولهذا نجد الحسرة في كلام الإمام "قده" والألم الذي يعتصر قلبه عندما يتحدّث عن هذه المأساة التي كانت من المآسي الكثيرة التي سبّبها ذلك النظام البائد ويقول: ( إنّ التعليم للجميع من جملة الحاجات الأولية لكلّ شعب إلى جانب الصحة والمسكن بل هو أهم منها، ومع الأسف فإنّ دولتنا ورثت شعباً محروماً من هذه النعمة الكبرى في النظام السابق، وأكثر أفراد وطننا لا يعرفون القراءة والكتابة فكيف بالتعليم العالي...).

ثمّ يُظهِر الإمام "قده" تعجّبه بنحو الإستنكار بمعنى أنّ الشعب المسلم في إيران الذي كان له دورٌ بارز في تقدّم العلوم والفنون في الإسلام عبر العصور يصل الأمر أن تكون الأمية منتشرة في أوساط الناس ويقول:
(وممّا يسبّب الخجل أنّه في بلدٍ كان مهداً للعلم والأدب ويعيش في ظلّ الإسلام الذي يعتبر طلب العلم فريضة يكون هذا البلد محروماً من القراءة والكتابة...).

ولهذا كان الإمام "قده" يرى أنّ بعد انتصار الثورة لا بدّ من توجيه الأنظار نحو هذا الأمر وهو "تعليم الطبقات الشعبية" ومحو الأمية عنها بأسرع وقتٍ ممكن، لأنّ كلّ وقتٍ يضيع من دون الإستفادة منه سيكون خسارة على الشعب وهدراً للطاقات ويقول: ( وبدون مضيعة للوقت وبدون مراسم متعبة علينا أن نقوم بمحو الأمية بكيفية منجزة وسريعة وبتعبئة عامّة لذلك حتّى يتعلّم كلّ شخصٍ القراءة والكتابة في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى...).

ولا يفوت الإمام "قده" أن ينبّه إلى ضرورة وضع برنامج للوصول إلى الآلية الأفضل لتحقيق ذلك الإنجاز الكبير ويقول :( يجب علينا أن نضع برنامجاً طويل الأمد نبدّل فيه ثقافة وطننا التابعة بثقافة مستقلة ومكتفية ذاتياً)، ويقول أيضاً :( أنا آمل من شعبنا العزيز بهمّته العالية أن يجعلوا من إيران مدرسة، وأن يصرفوا كلّ يومٍ وليلةٍ في أوقات الفراغ ساعة أو ساعتين لهذا العمل الشريف).

ثمّ لا ينسى الإمام "قده" أن يؤكّد على أنّ هذا العمل ليس وظيفة الدولة الإسلامية وأجهزتها الرسمية فقط، بل هو واجب الشعب كلّه، لأنّ محو الأمية وظيفة المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه القادرة على القيام بهذا التكليف الشريف كما يعبّر عنه الإمام، ولذا يقول :( إذا كان السادة ينتظرون من الحكومة أن تقوم بهذا العمل "محو الأمية" فإنّها لن تستطيع ذلك... والتعليم الذي أقصده هو معرفة القراءة والكتابة... لا نريد أن يصبح الجميع أطباء ومهندسين، نريد أن يستطيع الجميع كتابة ما يقصدون...).

ثمّ يطلب الإمام "قده" من الأميين أن يتجاوبوا مع هذه الدعوة التي هي لمنفعتهم قبل الآخرين، لأنّ التجاوب سيرفع عنهم الحرمان من هذه النعمة العظيمة التي بها تميّز الإنسان عن غيره وهي "نعمة التعلّم" ويقول :( وليعلم القرويون وسائر الفئات الأمية أنّ هذه خدمة يجب أن يتقبّلوها بقلبهم وروحهم ولا يظنّوا أنّهم لا يستطيعون ... فكلّ إنسانٍ يستطيع أن يتعلّم، ويستطيع أن يصبح إنساناً..)، ثمّ يقول: (العلم من المهد إلى اللحد، ومن الطفولة حتّى اقتراب الموت) ،ويقول أيضاً: (حتّى الرجل العجوز والإمرأة العجوز يستطيعان أن يتعلّما ويستطيعان أن يحصّلا ولا ييأسا من أنفسهما).

وبهذا يفتح الإمام "قده" باب الأمل أمام هؤلاء الأميين لكي يتعلّموا ليكونوا يداً تبني مع الآخرين، وليكونوا عوناً كبيراً على مستوى إسقاط الفتن والمؤامرات الداخلية والخارجية على حدٍّ سواء.

 

والحمد لله ربّ العالمين.