اسئلة عامة
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 2756
5-هل يمكن نقض هذا الحكم؟ كيف؟
6-أليس هناك إجراءات أو تدابير يتكفّل بها الشّرع بما يتعلّق بأسرة المحكوم عليه؟
7-علام تنص إجراءات تنفيذ الإعدام؟ (كيفية تنفيذ الإعدام).
8-ألا تعتقدون أنّ التنفيذ في عصرنا الراهن يجب أن يكون مخفّفاً؟
9-ما هي العبرة في تنويع أشكال الإعدام(الشنق، الرصاص، الغاز، الكهرباء، السيف).
10-ألا يمكن استبدال عقوبة الإعدام بعقوبةً أخرى قد يكون لها التأثيرات نفسها؟
11-هل يشمل هذا الحكم المنتمين للحكم الإسلامي فقط أم غيرهم من الأديان؟
12-هل يستطيع الشرع التدخّل في وقف أو تنفيذ عقوبة الإعدام؟ كيف؟
13- كيف يتعامل الشرع مع أسرة القتيل أو الذي اتُخذ الحكم بجريرته؟
14-هل هناك إعتباراتٌ شرعية تأخذ بعين الإعتبار البيئة التي نشأ فيها المحكوم بالإعدام؟
أولاً: إحترام الإسلام للإنسان وحياته وعدم التعدّي عليها، قال تعالى:{ولا تقتلوا النّفس التي حرّم الله إلاّ بالحق... } و:{من قتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها} و:{من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنّه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً...}.
ثانياً: العقاب الرادع "القصاص" {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب}.
ج-1- عقوبة الإسلام للموارد التي توجب القتل هي:
أ- المحارب،{إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض...}، ويدخل فيه الجاسوس للأعداء ولو كان مسلماً.
ب- الإرتداد عن الإسلام، (كلّ مسلمٍ تولّد من مسلمٍ وارتدّ عن الإسلام، أو جحد بنبّوة محمد أو كذّبه فإنّ دمه مباحٌ لكلّ من سمع منه ذلك وامرأته بائنة منه يوم ارتدّ ويقسم ماله بين ورّاثه وتعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها زوجها وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيب)، عن الإمام الصادق (عليه السلام).
ج- القتل من دون مبرّرٍ شرعي "القتل العمدي دون سبب" ،{ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنّه كان منصوراً}.
د- المتزوّج القادر على الوطء البالغ العاقل وكان العقد دائماً والزوجة غير ممانعة فهذا يوجب القتل بشهادة أربعة رجال أو بإقراره على نفسه أربع مرات بالزنا، وتقبل شهادة ثلاثة رجال وامرأتين.
هـ- الزاني بالمحارم كالأم أو الأخت أو البنت وابنة الأخ وابنة الأخت ولا يفرّق الحال هنا بين المتزوّج وغيره.
و- اللواط جريمةٌ توجب القتل على الفاعل والمفعول به إذا كانا بالغين عاقلين مختارين ويثبت بالإقرار أربع مرات أو بشهادة أربعة رجال.
ج-2- من هذه النّماذج نستنتج أنّ عقوبة القتل "الإعدام" تثبت في موارد كون الجريمة تشكّل خطراً على سلامة المجتمع وأمنه، أو على عقائده وتشريعاته الأساسية، أو على الجرائم الأخلاقيّة التي تشكّل منطلقاً لنشر الرذيلة والفساد والتحلّل والتسيّب الجنسي والتفكّك الإجتماعي والعائلي.
ج-3- نظرة الإسلام إلى أنّ عقوبة الإعدام حيث تجب هي عقوبةٌ رادعة للناس عن ارتكاب الجرائم التي توجب القتل وقد قالت الآية الكريمة: {ولكم في القصاص حياة}، لأنّ الناس عندما ترى أنّ المجرم سيكون عقابه الموت دون الحبس أو غيره من العقوبات غير القتل، ستحصل الحصانة لدى أفراد المجتمع من العبث والفوضى نتيجة الإنحرافات الموجودة عند بعض الأفراد وممّن لا يتورّعون عن ارتكاب الجرائم، بينما العقوبات الأخرى ليست رادعة وخير دليلٍ ما نراه في المجتمعات اليوم، حيث قد يقتل شخصٌ واحد عدداً قليلاً أو كبيراً من الناس ويحكم عليه بالسجن المؤبّد، وهذا يتنافى حتّى مع حقوق الإنسان أو الأناس الذين قتلوا بلا مبرّر على يد منحرفٍ أجاز لنفسه حرمان المقتولين بلا سببٍ من حقّ الحياة. أمّا لو كان يعرف أنّ الإعدام والقتل هو العقوبة له فقد يتردّد كثيراً قبل القيام بمثل هذا العمل الشنيع والقبيح عقلاً وشرعاً والمستنكر عرفاً وعند أفراد المجتمع بشكلٍ عام.
ج-4- نعم هناك فوارق، فالأدلّة على القتل وغيره من الجرائم الموصية بالإعدام في الإسلام يجب أن تكون حسيّة وقطعيّة ولا يكفي الدليل الظنّي كالقرائن الموجبة له، كما أنّ الشهود يجب أن يكونوا بالغين عاقلين قد رأوا الجريمة بأعينهم وهو ما يسمى عندنا بـ "البيّنة الشرعية" التي تشترط في الشهود أن يكونوا مؤمنين ملتزمين بفعل الواجبات وترك المحرّمات، لأنّهم إذا كانوا على هذه الصفة الجيدة لن يشهدوا زوراً كالمنحرفين أو الفاسقين فهم معرّضون للشهادة الكاذبة لقاء منافع ماليّة وماديّة، لأنّ الفسق يجعل من الإنسان غير محصّنٍ من بيع ضميره ووجدانه لقاء منفعة آنية أو مصلحة ظرفية وفي بعض الجرائم يكفي الشاهدان وفي بعضها يجب أربعة شهود بالصفات التي ذكرناها، لأنّ الحياة لها قيمة عالية جداً ولا يمكن التسلّط عليها بحكم الإعدام من دون دليلٍ واضحٍ وصريحٍ وحسي، كما أنّ شهادة الأطفال لا تكفي عندنا وكذلك النّساء في أغلب موارد القتل.
وهنا يفترق الشرع عن القانون الوضعي حيث يأخذون بالقرائن الحسيّة ولو لم تكن مفيدة للقطع بل للظن فقط ويأخذون بالقرائن الحدسية ويقبلون شهادة الفاسقين وغير البالغين والنساء، وهذا ما يؤدّي في الكثير من الأحيان إلى قتل أناس لا يستحقون القتل، وكثيراً ما نسمع في الإعلام أنّ براءة بعض المقتولين قد ظهرت لأنّه تبيّن أنّ الأسباب الموجبة التي شهد بها الشهود كانت غير صحيحة بأن كانت كاذبة وما شابه ذلك.
ج-5- يتمّ نقض الحكم فيما لو تبيّن أنّ أدلّة الإدانة لم تكن صحيحة أو تبيّن بطلان قسم منها.
في بعض الجرائم الموجبة للقتل يمكن لولي الأمر أن يبدّل تلك العقوبة بعقوبةٍ أخرى كما في المحارب الذي سجن من جانب السلطات المختصّة "طبعاً ضمن حدود دولة الإسلام لا خارجها" لمدة مؤقتة أو لباقي حياته حسبما يرى الحاكم ذلك، أمّا في الجرائم الأخرى التي ذكرناها فلا مجال لنقض الحكم فيها، لأنّ ولي الأمر ليس من صلاحيّاته تعطيل الأحكام بل تنفيذها ولا تمتد سلطته إلى الأحكام غير القابلة للنقض.
ج-6- التدابير التي يتكفّل بها الشّرع هي تنفيذ رغبة أهل القتيل بقتل القاتل فيما لو أرادوا ذلك، ولولي الأمر أن يرضخ لإرادة أهل القتيل لو أرادوا العفو عن القتل واسبتداله بالديّة وليس له أن يلزمهم بقبول الدية أو بعدم العفو عن الجاني واستبدال الإعدام بالدية بدلاً عنه.
ج-7- ليس هناك من طريقةٍ محدّدة للإعدام، وإن كان الإسلام يفضّل الطريقة الأسرع التي لا يتم فيها تعذيب المعدوم كثيراً، لأنّ القتل بحدّ ذاته عقوبة كافية عن جرائمه التي ارتكبها.
ج-8- ليس هناك وسيلة إنسانية للإعدام، فالقتل قتل مهما حاولنا أن نخفّف من المعاني التي نطلقها على عملية الإعدام التي هي بحدّ ذاتها عملية غير إنسانية، وإن كان مستحقّ القتل هو الذي أوجب على نفسه ذلك من خلال ما ارتكبه. نعم قلنا بأننا مع استعمال الوسائل التي لا تزيد من عذاب وآلام المعدوم، فمثلاً الإعدام بالرجم في الإسلام يمكن أن يستبدل بوسيلةٍ أخرى، ربما لأنّ ظروف الزمان والمكان لم تعد مناسبة لهذه العقوبة بالتحديد، وإن كنا نرى أن الذين يعترضون على هذه الطريقة يمارسون الإعدام بالكهرباء والغاز مع أنّهما وسيلتان مؤذيتان جداً للمعدوم بهما.
ج-9- قد تكون العبرة في ذلك هي التخويف للناس بأنّ هذه الأنواع من العقاب هي مصيرهم فيما لو ارتكبوا ما يوجب عقوبة الإعدام، وهذا ممّا قد يدفع إلى تخفيف الجرائم من جهة، وقد يكون التنوّع راجعاً إلى طبيعة الجريمة التي ارتكبها المجرم فيختارون له الطريقة المناسبة من الشدّة والضعف للجريمة التي قام بها، وليس هناك من سببٍ آخر برأيي لذلك طالما أنّ نتيجة كلّ تلك الأنواع من الإعدام هي القتل.
ج-10- لا نتصوّر أنّ هناك عقوبةٌ أخرى تقوم مقام الإعدام حيث يجب من حيث الردع عن ارتكاب الجرائم، فالسجن المؤبّد ليس بديلاً عن الإعدام، ولا يشكّل رادعاً كافياً، فكل عقوبة بديلة عن الإعدام لا يمكن أن يكون لها نفس التأثير، والفارق كبير جداً بين الإعدام كعقوبة وبين غيره من العقوبات التي لا تصل إلى حدّ الإعدام، ثمّ ما النّفع من عقوبة غير الإعدام سوى صرف مبالغ من أموال المجتمع على إنسانٍ حُكم عليه بالسجن المؤبّد مثلاً فهذا لا معنى ولا محصل له.
ج-11- هذا الحكم وهو الإعدام يشمل كلّ مواطني الدولة الإسلامية إذا ارتكبوا الجرائم التي توجب القتل في الإسلام، وهذا الأمر ليس مختصاً بالدولة الإسلامية، بل نرى في كلّ الدول التي يسكنها مواطنون من دولٍ أخرى إذا ارتكبوا جرائم تستحقّ الإعدام فيعدمون من دون نظر الى الجنسيّة الأخرى التي يحملها.
ج-13- إنّ أسرة القتيل يجب أن تتقبّل هذا الواقع الذي حصل، وتحتضن الدولة الإسلامية عائلة القتيل بالرعاية وأخذ الحقّ لها عبر الإقتصاص من القاتل فيما لو طلبت عائلة القتيل ذلك، والإسلام في تشريعاته يمنع عائلة القتيل من أخذ المبادرة إلى القتل بنفسها حتّى لا تدبّ الفوضى في هذا المجال، لأنّ أمن المجتمع من مسؤولية الدولة وليس الأفراد، ولو سمحنا لكلّ عائلة قتيل بقتل القاتل بنفسها لأدّى هذا إلى خللٍ في النظام الأمني والإجتماعي للنّاس، وهذا مرفوضٌ في الإسلام بالمطلق لما له من المخاطر على حياة المجتمع.
ج-14- ليس هناك اعتبارات شرعية لتبرير الجرائم الموجبة للقتل، لأنّ الإسلام يوفّر في دولته كلّ الأسباب والأجواء التي تمنع من حدوث الجرائم المستتبعة للإعدام، والإنسان حتّى لو نشأ في بيئة غير صحيّة فهذا لا يبرّر له ارتكاب الجرائم الشنيعة، وإذا كانت البيئة غير الصحيّة منشأ في بعض الأحيان لفسادٍ معيّن، لكن لا الى حدود القتل أو ارتكاب الجرائم الأخلاقيّة البشعة أو العقائديّة التي توجب الإرتداد عن الدين.
والحمد لله رب العالمين.