كيفية احياء الأعياد الإسلامية
- المجموعة: مقالات مختلفة
- تاريخ النشر
- اسرة التحرير
- الزيارات: 4014
العيد هو يوم معين من أيام السنة يتضمن حدثاً بارزاً أو مناسبة هامة وقد أمرنا الله عبر نبيه صلى الله عليه وآله بإحيائه بالعبادة والتقرب إلى الله بالطاعات والأعمال الصالحة، وقد شرح أئمتنا عليهم السلام في الكثير من الروايات الواردة عنهم فضل يوم العيد على سائر أيام السنة التي لا تحمل دلالات ومناسبات مهمة وعظيمة.
والعيد في الإسلام هو شعيرة من الشعائر وله طابعه الديني المميز والذي يكون في إحيائه ترسيخ للإيمان في النفوس والقلوب، وقد قال تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
والأعياد الإسلامية المعتبرة عندنا والتي وردت فيها الروايات الصريحة عن النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم هي أربعة (يوم الغدير، يوم الفطر، يوم الأضحى، ويوم الجمعة)، وإن كان هناك على مدار العام أيام مهمة إلا أن الإسلام لم يعتبرها من الأعياد مع ما لها من المعاني والدلالات كيوم عرفة ويوم دحو الأرض ويوم مبعث النبي (ص).
والروايات الدالة على اختصاص الأعياد بهذه الأيام الأربعة هي التالية:
1- سألت الإمام الصادق (ع) (هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: "نعم، أعظمها حرمة" ، قلت وأي عيد هو جعلت فداك؟ قال: (اليوم الذي نصّب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام وقال (من كنت مولاه فعلي مولاه) قلت: وأي يوم هو؟ قال: الثامن عشر من ذي الحجة).
2- عن الإمام الرضا (ع): (إنما جعل الله يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعاً يجتمعون فيه ويبرزون لله عز وجل فيمجدونه على ما منّ عليهم فيكون يوم عيد ويوم اجتماع ويوم فطر ويوم زكاة ويوم رغبة ويوم تضرع، ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب...).
3- عن جعفر بن محمد عن أبيه "عليهما السلام" قال: (كان علي بن الحسين عليهما السلام يحي ليلة الفطر بصلاة حتى يصبح ويبيت ليلة الفطر في المسجد ويقول يا بني ما هي بدون ليلة، يعني ليلة القدر".
4- عن النبي (ص) (من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب).
5- عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا كانت صبيحة يوم الفطر نادى منادٍ أغدوا إلى جوائزكم).
6- عن أهل البيت (ع) (لو علم الناس ما في الأضحية لاستدانوا وضحوا إنه ليغفر لصاحب الأضحية عند أول قطرة تقطر من دمها) وعن الإمام الصادق (ع) عن الأضحية (إنه يُغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطر من دمها إلى الأرض وليعلم الله من يخافه بالغيب قال تعالى (لن ينال الله لحومها) ثم قال: (أنظر كيف قبل الله قربان هابيل ورد قربان قابيل)، وترتبط الأضحية عندنا سواء في الحج أو في غيره بسيرة النبي ابراهيم الخليل عليه السلام عندما أراد ذبح ولده كما رأى في منامه كما قال القرآن (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)، والأضحية إحياء لسنة نبينا محمد (ص) كما ورد في القرآن الكريم (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير).
وقد ورد عنه (ص) (إنما جعل الله الأضحى لتتسع مساكينكم من اللحم فأطعموهم.
7- قال رسول الله (ص) عن يوم الجمعة (يوم الجمعة سيد الأيام، وأعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر، فيه خمس خصال: خلق الله عز وجل فيه آدم عليه السلام، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئاً إلا آتاه ما لم يسأل حراماً... وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بر ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة إلى أن تقوم فيه الساعة) وعن الصادق (ع) (إن للجمعة حقاً فإياك أن تضيع حرمته أو تقصر في شيء من عبادة الله والتقرب إليه بالعمل الصالح وترك المحارم كلها) وعن النبي (ص) ( يا علي: اغتسل في كل جمعة وإنك تشتري الماء بقوت يومك وتطويه فإنه ليس شيء من التطوع أعظم منه).
هذه إذن هي أعيادنا الإسلامية التي نصت الروايات على استحباب إحيائها، ولكل عيد منها رموزه ودلالاته، فيوم الغدير هو يوم الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام، ويوم الفطر لمن صام شهر رمضان وهو يوم المغفرة والرحمة والجوائز والهدايا الإلهية للصائمين ومن تفرغوا فيه لصيام النهار وقيام الليل بالعبادة والقربات والطاعات لله عز وجل، ويوم الأضحى للتأسي بالنبي إبراهيم الذي كاد أن يذبح ولده لولا أن فداه الله بكبش عظيم، وأمرنا الله ونبينا محمد صلى الله عليه وآله أن نقتدي بذلك النبي العظيم وتضحياته في سبيل نيل رضا الله والقرب منه، والامتثال لأوامر الله عز وجل والذوبان في طاعة الله مهما كان أمر الله عظيماً وشديداً على الإنسان، ويوم الجمعة هو يوم الاستراحة من هموم الدنيا ومتاعها الزائل في كل أسبوع والتفرغ للعبادة والطاعة.
من كل هذا نجد أن الأعياد في الإسلام أيام مميزة في دلالاتها ومعانيها الإيمانية والروحية والعقائدية والتربوية وهكذا يجب أن نعظم تلك الأيام ونحييها.
وليست الأعياد عندنا مناسبات للهو واللعب والانشغال بأمور الدنيا كما هو الحال اليوم عند أكثرية المسلمين الذين يتناسون عظمة تلك الأيام ويحيونها بالمعاصي وارتكاب الذنوب والانسياق وراء الشهوات والملذات وفي معصية الله عز وجل، لأن هذه الأفعال تتنافى مع قدسية تلك الأيام والأعياد التي اعتبرها الله عز وجل أياماً مميزة ولها الفضل على سائر أيام السنة.
وللأسف فإن المسلمين مضافاً إلى أنهم لا يحيون هذه الأعياد المجيدة نراهم يحتفلون بأعياد غير المسلمين ويهتمون لأمرها ويبالغون في ذلك مخالفين في تصرفاتهم هذه وصايا ربنا ونبينا وأئمتنا صلى الله عليه وعليهم كمثل الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عليه السلام كما يحتفل النصارى به وليلة رأس السنة التي هي ليلة الشيطان والتي يُعصى الله فيها في كل أرجاء الأرض وبكل أنواع المعاصي والذنوب الكبيرة التي توعد الله بعقاب المرتكبين لها بالنار.
من كل ما سبق نقول للمسلمين (عودوا إلى أعيادكم) وارجعوا إلى دينكم فهو طريق خلاصكم، ولا تقلدوا أعياد غير المسلمين لأنكم بذلك تحيون ما ينبغي عليكم تركه وتتركون ما ينبغي عليكم فعله.
وفي الختام نسأل الله العلي القدير أن يستيقظ المسلمون من غفلتهم ومن سباتهم ومن تقليدهم لأعياد غير المسلمين، وأن يبدأوا بالعودة إلى إحياء شعائر الله عز وجل لينالوا البركات الإلهية والرحمة الربانية والجوائز المعنوية والمادية.
والحمد لله رب العالمين