( لن تنتهي كربلاء إلاّ بانتهاء الظلم والفساد في كلّ العالم ).
( كربلاء الحسين (عليه السلام)، فيضٌ روحي وقوّة معنوية وعطاءٌ متجدّد عبر العصور).
الجمعة, 22 11 2024
آخر تحديث: الجمعة, 01 آذار 2024 3pm
( لن تنتهي كربلاء إلاّ بانتهاء الظلم والفساد في كلّ العالم ).
( كربلاء الحسين (عليه السلام)، فيضٌ روحي وقوّة معنوية وعطاءٌ متجدّد عبر العصور).
ممّا لا شكّ فيه عند عموم المؤمنين بالإمام المهدي "عج" الذي يخرج في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، وهو من نسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع المشابهة في الإسم أيضاً، وإن كان هناك اختلاف بين المسلمين من حيث القول بولادته وعدمها، إلاّ أنّ هذا المقدار من الخلاف يبقى نزراً يسيراً من التفاصيل المتّفق عليها.
ولا ريب أيضاً أنّ الحكومة الإلهية التي ستتشكّل على يدي الإمام المنتظر "عج" هي حكومة الحقّ والعدل في عموم الأرض لتكون نهاية الحياة الإنسانية بالصورة الجمالية المشرقة التي كان ينبغي أن تعمّ كلّ تاريخ الوجود الإنساني لولا الظلم والجور اللذان طغيا على هذه المسيرة عبر العصور فأدّيا إلى انحرافها وابتعادها، ممّا أدّى إلى ضرورة وجود المنقذ العام للبشرية ليعيد تكوين تلك الصورة المرسومة إلهياً.
من الواضح جداً أنّ الولي الفقيه الذي ينطلق من "ولاية الفقيه" ليجسّدها في واقع حياة الأمّة هو نتاج الخطّ العلمائي العام، هذا الخطّ الذي أُنيطت به مهمّة القيام بأعباء الرسالة الإسلامية من حيث التوجيه والوعظ والإرشاد من جهة، ومن حيث الوقوف والمحاربة والتصدّي للإنحرافات وحملات التشكيك ومؤامرات الأعداء ضدّ الدين والأمّة الملتزمة به من جهةٍ أخرى.
وهذه الموقعية الريادية للخط العلمائي ليست جديدة في حياة الأمّة الإسلامية، وإنّما هي استمرارٌ لتاريخٍ بدأ منذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أوضح هذه الموقعية في العديد من النصوص الواردة عنه، ومن أبرزها في هذا المجال "العلماء ورثة الأنبياء" و"مجاري الأمور بيد العلماء".
لا بدّ من الإشارة أولاً إلى أنّ مبدأ ولاية الفقيه أصلٌ ثابت في الشريعة الإسلامية، وذلك لأنّ الولاية للفقيه هي الإمتداد الطبيعي بحكم منطق التسلسل إلى ولاية الأئمة ( عليهم السلام) وولاية النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن ذلك الأصل الثابت تستمدّ ولاية الفقيه موقعيتها الريادية وقوّتها في إلزام المسلمين بالطاعة للولي الفقيه، ولهذا يقول الإمام الخميني "قده" عن هذه المسألة ما يلي: (إنّ ولاية الفقيه هدية قد أعطاها الله تبارك وتعالى للمسلمين)، ومن هنا يستنكر الإمام أشدّ الإستنكار على أولئك الذين يقولون بعدم وجود ولاية للفقيه في الإسلام ويقول: (الذين يقولون أنّه لا يوجد عندنا في الإسلام ولاية للفقيه، ليسوا مطّلعين ما داموا يقولون هذا. إنّ ولاية الفقيه كانت وما تزال منذ زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتّى الآن).
الإسلام هو الدين الشامل لكلّ الأبعاد التي تنهض بالحياة البشرية وتبنيها وفق النظرة الإلهية، فهو يشتمل على البعد الغيبي من خلال الإرتباط بالله سبحانه وتعالى عبر سلسلة من العبادات التي توصل إلى المراتب الإيمانية العالية، وتؤكّد الترابط ما بين المؤمن وربّه بشكلٍ دائمٍ ومتواصلٍ حتّى لا يغيب هذا البعد عن حياة الإنسان ولو لفترةٍ قصيرةٍ جداً. وهو يشتمل على البُعد المادي أيضاً من خلال التشريعات الكثيرة التي توضح للمسلم كيف يتحرك مع الآخرين في كلّ المجالات من دون أيّ نقصٍ في المعالجة وإعطاء الحلول لأيّ مجالٍ منها.
يكتسب الحديث عن الإمام الخميني "قده" ميزة خاصة كونه الوحيد من سلسلة طويلة من الفقهاء استطاع تحطيم الحواجز والموانع، و"الوصول بالشريعة الإسلامية إلى مرحلة العمل والتطبيق في دولةٍ "تقوم على أساس" الإيمان بالله والتوكّل عليه" وتستمدّ تشريعاتها من كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد تجاوز الإمام "قده" الواقع الذي أفرز قديماً وإلى عهدٍ قريبٍ "من أنّ الفقهاء لا يعتبرون العمل السياسي جزءاً من عملهم ونشاطهم"، ولهذا كانت الفتوى المعتمدة عند الأكثرية وباعترافٍ صريحٍ من أحدهم وهو الشيخ محمد باقر المحمودي (عدم وجوب إقامة الدولة الإسلامية) ودليلهم هو "عنوان ثانوي" مستنبط من تجارب حدثت في عهد الأئمة ( عليهم السلام) وعمدتها "ما جرى مع أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين ( عليهم السلام)، ومع زيد بن علي ويحيى بن زيد" ومفاد هذا الدليل: (أنّ الناس التي تقاعست عن نصرة الأئمة وأبنائهم لن تتوانى عن خذلان الفقهاء وهم دون الأئمة وأبنائهم في الإيمان والمرتبة الإجتماعية).