المهدوية مشروع إنسانيّ
مقدمة: الحضارة الإنسانية متنوعة بتنوع الإنسان وبتنوع المكان وبتنوع الأفكار والظروف، ولكن مع هذا التنوع نرى أن هناك بعض الأفكار المشتركة،ولعل القضية الوحيدة المتفق عليها بين جميع الاتجاهات الفكرية الإنسانية هي فكرة المنقذ والمصلح العالمي وإقامة الدولة العالمية العادلة وإقامة المجتمع المثالي، وهذه الفكرة التي لم يخلُ منها الفكر الإنسانيّ على تنوعه تشير إلى الفطرة الإلهية المودعة في النفس البشرية والباحثة عن السعادة والعدالة والكمال الإنساني وتتوجه نحو فكرة المخلص والمنقذ الموجودة في القرآن الكريم في قوله تعالى (فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً) والآية ناظرة إلى أن هذه السنة هي "العدل" الذي لا بديل له ولا تحويل عنه، فالعدل هو العدل ولا يمكن أن يتبدل أو يتحول لشيء آخر.
سيرة حياة والدة الإمام المهدي (عج)
نسبها: هي السيدة نرجس بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمها من ولد الحواريين تُنسب إلى شمعون وصي المسيح عليه السلام وتسمى بـ مليكة وسوسن وريحانة وصقيل.
قصة شرائها من بين السبايا: روى بشر بن سليمان النخاس وهو من سلالة أبي أيوب الأنصاري ومن أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام وهو جارهما بسر من رأى قال (كان مولانا أبو الحسن علي بن محمد الهادي علمني أمر الرقيق فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه حتى كملت معرفتي فيه فأحسنت الفرق بين الحلال والحرام، فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأى،
وقد مضي هوي من الليل، إذ قرع الباب قارع، فعدوت مسرعاً فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام يدعوني إليه، فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد عليه السلام وأخته حكيمة عمة الإمام العسكري من وراء الستر، فلما جلست قال: يا بشر: (إنك من ولد الأنصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم، يرثها خلف عن سلف ، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها شاؤالشيعة في
ما بين النبي (ص) والمهدي
باسمه تعالى
ما بين النبي (ص) والمهدي "عج"
وأشرقت الأرض بنور ربها ووُلد سيد الكونين النبي محمد (ص) الرحمة الالهية المهداة للبشرية جمعاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ولينقذهم من أوهام عبادة الأصنام والأوثان إلى حقيقة عبادة الله الواحد الديان، ولذا قال تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين"
وبعد أن بعثه الله بالنبوة الخاتمة، قام بواجبه على الوجه الأكمل لجهة تبليغ الرسالة والدين الجديد الوافد ليحل محل عقائد أهل الجاهلية القائمة على أعراف وتقاليد اخترعتها الناس لتطبقها مع ما كانت تحويه من ظلم وجور وتعسف ضد الفقراء والمستضعفين الذين لا حول لهم ولا قوة، وليس أمامهم سوى الانصياع والطاعة ولو بغير إرادتهم لجبروت الطغاة والمستكبرين من قريش كأبي سفيان وأبي لهب وأبي جهل وغيرهم.
الطيّبون والخبيثون في كربلاء
باسمه تعالى
الطيّبون والخبيثون في كربلاء
من المعلوم أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه لم يزيدوا عن إثنين وسبعين رجلاً في مواجهة جيش ضخم تجاوز عدده عشرات الآلاف، وكان من البديهي أن تنتهي المعركة باستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) ومن معه، وانتصار ظرفيّ لجيش يزيد بن معاوية وقياداته وأفراده.
إلّا أنّ النقطة الجديرة بالوقوف عندها في تلك المعركة، أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) ليلة المعركة الحاسمة خطب فيمن معه وأحلَّهم من بيعته وأعطاهم الحرية في اتّخاذ القرار بتركه وحيداً في مواجهة ذلك الجيش والنجاة بحياتهم وحياة أهل بيته؛ إلّا أنّ أصحاب الإمام (عليه السلام) وأهل بيته رفضوا ترك الإمام وحيداً، وقالوا كلاماً رائعاً وجميلاً يحتوي على القرار الحاسم (لا طيَّب الله العيش بعدك يا أبا عبد الله)، و(بماذا نواجه رسول الله يوم القيامة؟
وَمِثْلي لا يُبَايِعُ مِثْلَهُ
رسمتْ عاشوراءُ في التاريخ الإسلامي الحدود الفاصلة بين ما يمكن القبول به وما لا يمكن على مستوى قيادة الأمّة، ولكن بطريقة مأساوية سُفِكت فيها الدماءُ الزكيّة وسُبِيت فيها نساءُ النبيّ (ص) وأهل البيت (عليهم السلام)، لتستطيع من ذلك تحريك عواطف الناس ومشاعرها وأحاسيسها، ولتهيّئها من خلال هذا لاستيعاب خطابها التاريخ الذي أرادت منه تنبيه الأمّة إلى الأخطار الكبيرة التي كانت تتعرَّض لها نتيجة المؤامرة الأمويّة التي كانت تهدف إلى إعادة الأمّة إلى الوراء، زمن الجاهليّة، يوم كانت العصبيّات العشائريّة والقبليّة هي التي تحكم علاقات الناس مع بعضهم البعض، وهي التي كانت تحدّد المراتب الاجتماعية على طبق الموازين المتعارفة والسائدة آنذاك وتعطي القيمة لكلّ فرد من الأفراد في ذلك المجتمع، ولهذا فقد ركَّز الإمام الحسين (ع) في خطابه للأمَّة على أمرين أساسيين: