خطبة المتقين
بما أنّنا نعيش في رحاب شهر الله المبارك شهر الصوم والقرآن نوجه الكلام نحو خطبة المتقين لإمام المتقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي عاش "التقوى" فكراً وسلوكاً في القول والفعل في المعارضة والحكم مع القريب والبعيد ومع الصديق والعدو.
ولا شكّ أنّ التقوى هي الصفة التي يحبّها الله ويرتضيها لعباده، والمتّصفون بها هم الفئة الأكثر قبولاً وتقديراً عنده طبقاً للآية الكريمة: {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم} .
خطبة المتقين(2)
ثمّ يواصل إمام المتقين حديثه عن أوصاف أهل التقوى ويقول بأنّ هؤلاء عندما يكونون في حالة ابتلاء فإنّهم يعيشون الأمل بالله عزّ وجلّ وكأنّهم في حالة رخاء فلا جزع عندهم ولا وجل، وإذا كانوا في حالة رخاء فإنّهم يعيشون الخوف من الله من أن يفتنوا بالنعمة ولهذا فهم لا يبطرون ولا يخرجون عن إطار الحدود الشرعية والأعراف الأخلاقية فيما رزقهم الله وأقدرهم عليه،ولذا يقول (عليه السلام): ( ...نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرّخاء...).
خطبة المتقين(3)
ثمّ يتابع أمير المؤمنين كلامه من أوصاف المتقين، ويتحدث عن شؤونهم في النهار وكيف حالهم فيه، وما هو ديدنهم معه فيقول (عليه السلام):(.... وأمّا النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ويقول : قد خولطوا ولقد خالطهم أمرٌ عظيم....).
فالمتقي هو الحليم الذي يحسن إدارة الأمور فلا يغضب لأتفه الأمور ولا ينفعل ولا يخرج عن حالة الإتزان في قوله وفعله ويستوعب الآخرين بصبره وحكمته وهو العالم الذي لا يدخل في شىء إلا إذا عرف من أين أو إلى أين ينتهي ويدرك العواقب والنتائج التي تترتّب على ما يعلم فإنّ كان ممّا يرضي الله قام به، وإن لم يكن ممّا يرضي الله تركه واستغني عنه، ولهذا تراهم يحتاطون في التعامل مع الأمور فلا يتسرّعون ولا يسمعون لأنفسهم أن تمنعهم من تسخير ما يعلمون لأجل ما يعملون.