الطيّبون والخبيثون في كربلاء
باسمه تعالى
الطيّبون والخبيثون في كربلاء
من المعلوم أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه لم يزيدوا عن إثنين وسبعين رجلاً في مواجهة جيش ضخم تجاوز عدده عشرات الآلاف، وكان من البديهي أن تنتهي المعركة باستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) ومن معه، وانتصار ظرفيّ لجيش يزيد بن معاوية وقياداته وأفراده.
إلّا أنّ النقطة الجديرة بالوقوف عندها في تلك المعركة، أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) ليلة المعركة الحاسمة خطب فيمن معه وأحلَّهم من بيعته وأعطاهم الحرية في اتّخاذ القرار بتركه وحيداً في مواجهة ذلك الجيش والنجاة بحياتهم وحياة أهل بيته؛ إلّا أنّ أصحاب الإمام (عليه السلام) وأهل بيته رفضوا ترك الإمام وحيداً، وقالوا كلاماً رائعاً وجميلاً يحتوي على القرار الحاسم (لا طيَّب الله العيش بعدك يا أبا عبد الله)، و(بماذا نواجه رسول الله يوم القيامة؟
وَمِثْلي لا يُبَايِعُ مِثْلَهُ
رسمتْ عاشوراءُ في التاريخ الإسلامي الحدود الفاصلة بين ما يمكن القبول به وما لا يمكن على مستوى قيادة الأمّة، ولكن بطريقة مأساوية سُفِكت فيها الدماءُ الزكيّة وسُبِيت فيها نساءُ النبيّ (ص) وأهل البيت (عليهم السلام)، لتستطيع من ذلك تحريك عواطف الناس ومشاعرها وأحاسيسها، ولتهيّئها من خلال هذا لاستيعاب خطابها التاريخ الذي أرادت منه تنبيه الأمّة إلى الأخطار الكبيرة التي كانت تتعرَّض لها نتيجة المؤامرة الأمويّة التي كانت تهدف إلى إعادة الأمّة إلى الوراء، زمن الجاهليّة، يوم كانت العصبيّات العشائريّة والقبليّة هي التي تحكم علاقات الناس مع بعضهم البعض، وهي التي كانت تحدّد المراتب الاجتماعية على طبق الموازين المتعارفة والسائدة آنذاك وتعطي القيمة لكلّ فرد من الأفراد في ذلك المجتمع، ولهذا فقد ركَّز الإمام الحسين (ع) في خطابه للأمَّة على أمرين أساسيين:
هجرة النبيّ (ص) وثورة الحسين (ع)
الأوّل من المحرّم هو اليوم المتفق عليه بين المسلمين على أنه البداية للعام الهجريّ الجديد، وهو التقويم الذي استند إلى هجرة الرسول الأعظم (ص) من مكّة إلى المدينة نقطة الانطلاق للتوقيت المتعارف حتى اليوم عند الشعوب الإسلامية.
وعند غير المسلمين لا تحمل هذه المناسبة أكثر من دلالتها المتعارفة وهي أن هذا اليوم هو عبارة عن انتهاء عام وبداية آخر كما في التقويم الميلادي أو الفارسي أو غير ذلك من التقاويم المتعارفة عندهم.