مبدأ ولاية الفقيه
لا بدّ من الإشارة أولاً إلى أنّ مبدأ ولاية الفقيه أصلٌ ثابت في الشريعة الإسلامية، وذلك لأنّ الولاية للفقيه هي الإمتداد الطبيعي بحكم منطق التسلسل إلى ولاية الأئمة ( عليهم السلام) وولاية النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن ذلك الأصل الثابت تستمدّ ولاية الفقيه موقعيتها الريادية وقوّتها في إلزام المسلمين بالطاعة للولي الفقيه، ولهذا يقول الإمام الخميني "قده" عن هذه المسألة ما يلي: (إنّ ولاية الفقيه هدية قد أعطاها الله تبارك وتعالى للمسلمين)، ومن هنا يستنكر الإمام أشدّ الإستنكار على أولئك الذين يقولون بعدم وجود ولاية للفقيه في الإسلام ويقول: (الذين يقولون أنّه لا يوجد عندنا في الإسلام ولاية للفقيه، ليسوا مطّلعين ما داموا يقولون هذا. إنّ ولاية الفقيه كانت وما تزال منذ زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتّى الآن).
شمولية الطرح الإسلامي
الإسلام هو الدين الشامل لكلّ الأبعاد التي تنهض بالحياة البشرية وتبنيها وفق النظرة الإلهية، فهو يشتمل على البعد الغيبي من خلال الإرتباط بالله سبحانه وتعالى عبر سلسلة من العبادات التي توصل إلى المراتب الإيمانية العالية، وتؤكّد الترابط ما بين المؤمن وربّه بشكلٍ دائمٍ ومتواصلٍ حتّى لا يغيب هذا البعد عن حياة الإنسان ولو لفترةٍ قصيرةٍ جداً. وهو يشتمل على البُعد المادي أيضاً من خلال التشريعات الكثيرة التي توضح للمسلم كيف يتحرك مع الآخرين في كلّ المجالات من دون أيّ نقصٍ في المعالجة وإعطاء الحلول لأيّ مجالٍ منها.
مدخل إلى خطّ الإمام "قده"
يكتسب الحديث عن الإمام الخميني "قده" ميزة خاصة كونه الوحيد من سلسلة طويلة من الفقهاء استطاع تحطيم الحواجز والموانع، و"الوصول بالشريعة الإسلامية إلى مرحلة العمل والتطبيق في دولةٍ "تقوم على أساس" الإيمان بالله والتوكّل عليه" وتستمدّ تشريعاتها من كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد تجاوز الإمام "قده" الواقع الذي أفرز قديماً وإلى عهدٍ قريبٍ "من أنّ الفقهاء لا يعتبرون العمل السياسي جزءاً من عملهم ونشاطهم"، ولهذا كانت الفتوى المعتمدة عند الأكثرية وباعترافٍ صريحٍ من أحدهم وهو الشيخ محمد باقر المحمودي (عدم وجوب إقامة الدولة الإسلامية) ودليلهم هو "عنوان ثانوي" مستنبط من تجارب حدثت في عهد الأئمة ( عليهم السلام) وعمدتها "ما جرى مع أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين ( عليهم السلام)، ومع زيد بن علي ويحيى بن زيد" ومفاد هذا الدليل: (أنّ الناس التي تقاعست عن نصرة الأئمة وأبنائهم لن تتوانى عن خذلان الفقهاء وهم دون الأئمة وأبنائهم في الإيمان والمرتبة الإجتماعية).
الزواج، مؤسسة إنسانية
قال الله تعالى في محكم كتابه :{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مود ّةً ورحمة}. تتحدث الآية الكريمة عن الزواج الذي يشكّل المبدأ الأساس لبناء الأسرة وللتكاثر ولاستمرار النسل البشري، وقبل كلّ ذلك لإشباع الحاجات الجنسية الغريزية عند الطرفين عن طريقٍ مباح وحلال يحقّق الغايات المذكورة ولا ينحرف عن المسار الصحيح.
والزواج هو من أقرب الوسائل والسبل إلى تحقيق الأهداف المرجوّة منه، ولهذا تعاملت معه الشعوب بشكلٍ عام على أنّه الطريق الأمثل الذي يضمن للمرء الوصول إلى احتياجاته بنحوٍ مستقر إجمالاً، وقد لوحظ في الزواج عدد من الأمور الناتجة عنه والمرتبطة به كحقوق الزوجين تجاه بعضهما البعض وتجاه الأولاد وغير ذلك. لهذا يعتبر الإسلام أنّ الزواج هو عقدٌ شرعي بصيغة خاصة تُشرّع العلاقات بين الرجل والمرأة على أسسٍ واضحة وينتج عن هذا العقد مجموعة من الإلتزامات المتبادلة بين الطرفين.حرمة القتل
قال الله تعالى في محكم كتابه: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم... ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلاّ بالحق}. يتعرّض المقطع الأول من هذه الآية لبيان حرمة قتل الأولاد عندما لا يجد ربّ العائلة القوت الكافي لإشباعهم أو الحاجات الضرورية لإعالتهم، وقد ورد أنّ هذا التصرّف كان معمولاً به عند العرب، حيث عندما يصبح الأب مفلساً فإنّه يقتل أولاده خوفاً من أن يراهم أذلاّء من ألم الجوع والفقر والحرمان، ولما فيه من المهانة على وضعه في المجتمع.
ويتعرض المقطع الثاني لحرمة القتل للنفس التي حرّم الله قتلها إلاّ إذا كان هناك مسوّغ شرعي يبرّر ذلك الفعل الشنيع، وهذا المقطع الثاني لا شكّ بأنّه يشمل الإنسان في كلّ مراحل حياته وأطوار وجوده، بدءاً من انعقاده كنطفةٍ في الرحم وهي مبدأ النشوء والتكوين وصولاً إلى لحظة خروجه من هذه الدنيا، فإنّ حكم القتل وهو الحرمة ثابتٌ لا يتغيّر ولا يتبدّل إلاّ في حالاتٍ محدودة في النظام الإسلامي العام.