يتوقف المتأمّل في معركة صفين عند بعض الظواهر الإيجابية التي يمكن أن يستفيد منها المجاهدون الرساليّون الذين يقومون بأداء الواجب الشرعي في الدفاع عن الإسلام كعقيدة وعن المسلمين كأمّة، وكذلك يتوقّف عند بعض الظواهر السلبية التي يمكن الإتّعاظ منها نظراً للمفاسد التي حصلت بسببها وكان من أبرزها عدم اكتمال النصر الذي بدت ملامحه واضحةً للعيان.
وأول وأهم تلك الظواهر الإيجابية هي المحاولة الجادة التي قام بها أمير المؤمنين(عليه السلام) حرصاً على الأمّة من التفكّك وصوناً لدماء المسلمين التي لا ينبغي أن تسفك في تلك المعركة الفتنة، وقد أكّدت المصادر التاريخية أنّ الإمام علياً(عليه السلام) قد أرسل الوفود إلى معاوية وزوّدها بقوله: (...اذهبوا إلى هذا الرجل-معاوية- وادعوه إلى الله تعالى وإلى الطاعة والجماعة، لعلّ الله تعالى أن يهديه، ويلتئم شمل هذه الأمّة)، إلاّ أنّ جواب معاوية كان: (انصرفوا عنّي فليس عندي إلاّ السيف)، وكذلك نرى الروح المتسامية عند الإمام(عليه السلام) في الحرص على حقن الدماء عندما منع جيش معاوية الماء عن جيش الإمام(عليه السلام) فأرسل إلى معاوية